The New York Times – ترجمة بلدي نيوز
بروكسل (رويترز)
بعد شهور من التردد، وتحت ضغط شديد من ألمانيا لإحكام السيطرة على أزمة المهاجرين إلى أوروبا، اجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، يوم الأحد، مع رئيس الوزراء التركي داوود أوغلو لإتمام الصفقة التي تأمل المستشارة الالمانية انجيلا ميركل منها إبطاء فوضى تدفق طالبي اللجوء إلى كتلة الثماني وعشرون دولة.
الاجتماع، وهو السابع للزعماء الأوروبيين منذ الربيع، يتعلق بالمسألة الخلافية وهي (هجرة اللاجئين لأوروبا)، وكان قد عقد بعد يوم واحد من إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية والذي أضاف المزيد من عدم اليقين لأزمة طغت على عملية صنع القرار البطيئة في أوروبا.
رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، ووفقا لدبلوماسيين، سيتم منحه 3 مليارات يورو كمساعدات أوروبية وإغراءات أخرى مقابل أن تعمل تركيا على وقف المهاجرين، ومعظمهم من الشرق الأوسط وأفغانستان من الوصول إلى اليونان وبلدان أخرى على الحدود الخارجية لأوروبا، وقد مثل السيد داود أوغلو نيابة عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اجتماع بروكسل.
وقالت ميركل للصحفيين في بروكسل قبل الاجتماع، أن لأوروبا أسباب عديدة للعمل بشكل وثيق مع تركيا، إلا أن جزءا أساسياً من المفاوضات هو سبب الحاجة إلى "استبدال الهجرة غير الشرعية بالهجرة القانونية"، ويعكس بيانها الأمل بالسيطرة على التدفق الجامح لطالبي اللجوء قبل وصولهم لأوروبا، وهم مزيج من اللاجئين الفارين من الحرب والمهاجرين لأسباب اقتصادية بحثاً عن حياة أفضل.
أوروبا تريد من تركيا مساعدتها في تحديد اللاجئين الحقيقيين، وخاصة السوريين، الذين ُسيسمح لهم الدخول بشكل منظم، ووقف الناس الفارين من الفقر الذي لا يملكون الحق الواضح في الحماية بموجب القانون الدولي.
يقول دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي، وهي الجهة التي تمثل القادة الأوروبيين: "هدفنا الرئيسي هو وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا"، واصفاً تركيا بأنها "شريك أساسي في قضايا من بينها مكافحة الإرهاب والحرب الأهلية في سورية".
لكنه شدد على أن "أوروبا نفسها بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتأمين حدودها الخارجية، ولا يمكن الاستعانة بمصادر خارجية (أي بلد ثالث) للقيام بهذه المهمة، كتركيا" .
كما وحذر من أن "الفشل في حماية حدود القارة الأوروبية الخارجية، يعني أن واحداً من إنجازات أوروبا الأكثر أهمية وهي منطقة السفر الخالية من الحدود في أوروبا، المعروفة باسم (شينغن) ستصبح من التاريخ"، وفي وقت لاحق، قال السيد تاسك، في القمة: "هناك 1.5 مليون مهاجر قد دخلوا الاتحاد الأوروبي هذا العام".
ومن غير الواضح كيف سيتم تأمين أي اتفاق يتم التوصل إليه مع تركيا، فقد صادق القادة الأوروبيون أول مرة على ما يسمى بخطة العمل مع تركيا منذ أكثر من شهر، ولكن تم تأجيلها بسبب الخلاف حول التفاصيل، هذا ولم يتفق الأوروبيون حتى الآن على كيفية جمع المبلغ المخصص لتركيا، كما أن وضع الاتفاق حيز التنفيذ سيعتمد في نهاية المطاف على الرئيس التركي السيد اردوغان.
وتعد هذه المبادرة سلسلة من التنازلات الكبرى من الاتحاد الأوروبي، حيث يقدم نقداً الى تركيا لتحسين ظروف أكثر من مليوني سوري لجأوا إلى البلاد، في مقابل المساعدة في منع طالبي اللجوء من مغادرة تركيا.
وقد دافعت السيدة ميركل يوم الأحد عن تركيا، مشيرة إلى أنها على الرغم من إيواء هذا العدد الكبير من اللاجئين، فإنها "لم تحصل على دعم دولي كبير، لذلك فهي تتوقع من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء أن يحاولوا التخفيف من عبء تركيا."
كما أن أوروبا ستقدم أيضاً لتركيا فرصة استئناف اجتماعات القمة الاعتيادية، والتي تعقد مرتين في السنة، وفقا لمسودة البيان الختامي، بالإضافة إلى ذلك، تبدو تركيا على وشك الفوز بوعد لتسريع المفاوضات حول السفر بدون تأشيرة لمواطنيها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن استئناف المفاوضات الرسمية على العضوية الكاملة في الاتحاد.
وفي المقابل، ستقوم كل من تركيا والأوروبيون بتكثيف تعاونهم لمنع المهاجرين الذين ليسوا في حاجة إلى حماية دولية من السفر إلى تركيا والاتحاد الأوروبي، حيث يقول مشروع البيان "سيتم إعادة المهاجرين ممن ليسوا بحاجة الحماية بسرعة إلى بلدانهم الأصلية، والعمل على مكافحة شبكات التهريب الإجرامية"، وقبل لقاء القمة، ناقشت مجموعة من الدول من بينها ألمانيا زيادة عدد اللاجئين الذين يمكن توطينهم خارج المخيمات لإعطاء مزيد من المهاجرين مساراً قانونياً للقارة.
وقد تناولت المحادثات، العلاقات الثنائية الوثيقة بين أوروبا وتركيا والتي كثيراً ما تعثرت في الماضي، ومن ضمنها المفاوضات الرسمية بشأن عضوية تركيا في الاتحاد والتي بدأت منذ عقد من الزمان، ولكن كان هناك مقاومة من فرنسا وألمانيا، فضلا عن المعارضة الشديدة من قبرص، وهي عضو في الاتحاد، قسمت منذ دخلت تركيا شمال الجزيرة في عام 1974 .
وقبل الاجتماع في بروكسل، نجحت قبرص في تمييع العرض لتركيا عن طريق الضغط على باقي الكتل، لإزالة الأمور التي من شأنها تسريع محادثات انضمام الأتراك مع أوروبا.
ومع ذلك تحتاج أوروبا إلى شكل من أشكال الاتفاق، فجهودها للسيطرة على عدد الأشخاص الذين وصلوا على الحدود الخارجية للاتحاد كانت غير فعالة إلى حد كبير، وبالكاد تم نقل أي من المهاجرين من دول خط المواجهة مثل اليونان وإيطاليا، كما أن ألمانيا تمارس ضغطاً كبيراً، ولذلك "من المتوقع أن يتم اتفاق" كما قال أحد دبلوماسي الاتحاد الأوروبي، لكنه تنبأ أيضاً "ببعض المسرحيات" خصوصاً من قبل القادة الذين يريدون اتخاذ موقف أكثر صرامة مع تركيا.
ويجتمع قادة الاتحاد الأوروبي في أعقاب الهجمات الإرهابية على فرنسا، والتي ضخمت المخاوف من أن الهجرة ستؤثر في مشروع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اتفاقية شنغن، فاثنين من المهاجمين الذين نفذوا المجازر في باريس في 13 تشرين الثاني دخلوا الاتحاد الأوروبي عبر اليونان، البلد الذي هو جزء من منطقة شنغن.