بركة رمضان أقوى من الحصار في غوطة دمشق - It's Over 9000!

بركة رمضان أقوى من الحصار في غوطة دمشق

بلدي نيوز – ريف دمشق (طارق خوام)
يتمسك أهالي الغوطة الشرقية بريف دمشق، بممارسة طقوسهم الرمضانية رغم الحصار الذي يفرضه عليهم النظام، منذ أكثر من 3 سنوات، ويتجلّى التأثير الأكبر للحصار، في غلاء الأسعار وظهور سلع جديدة، مثل الخبز المرقق، وقوالب الثلج المستخدمة في تبريد الماء، والتي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، بسبب انقطاع الكهرباء عن المنطقة، منذ فترة طويلة.
كما دفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية سكان الغوطة الشرقية، نحو الاقتصاد في استهلاك المواد الغذائية والأطعمة، ما أدّى إلى انخفاض الازدحام في الأسواق بشكل ملحوظ، بالتزامن مع تناقص في تنوع أصناف الأطعمة التي كانت تعج بها موائد رمضان بسبب غلائها.

شبكة بلدي نيوز رصدت حياة عائلة "أبو بسام"، وهو أب معتقل منذ 4 سنوات من قبل قوات النظام وابنه الكبير سامر مسؤول عن عائلته بدلا من والده، حيث يعمل سامر ذو الـ 23 عاما ممرضا في إحدى المشافي الميدانية، يعبر لشبكة بلدي نيوز عن حزنه بقدوم رمضان الرابع ووالده بعيد عنهم، لا يعرفون عنه أي خبر.
يقول سامر: "لم أكن أتخيل أن يأتي رمضان الرابع وأبي ليس معنا، لسنا العائلة الوحيدة التي تستقبل شهر رمضان دون أحد من أفراد عائلته، هناك مئات العائلات في الغوطة الشرقية ممن فقدوا شهيدا أو معتقلا في الحرب، كما أن الكثير من أهالي الغوطة سافروا وتركوا كرسيهم على مائدة الإفطار فارغا، يملؤه فقط مشاعر الشوق والحنين للماضي".
ويحاول سامر أن يكون قويا أمام والدته وأخيه الصغير أحمد ذو الـ 13 عاما، فيأخذ أخاه ويذهبان معا لشراء بعض الحاجيات والمواد الغذائية التي يحتاجها الناس في رمضان، ويختار المواد الضرورية فقط بسبب غلاء الأسعار وضعف مردوده المالي، ويعلق سامر على غلاء الأسعار بقوله: "اشتريت بعضا من التمر والطحين والزيت والزعتر وبعضا من الخضراوات والقليل من الحلوى لأخي الصغير بمبلغ 10 آلاف ليرة سورية تقريبا، وراتبي الشهري كله 30 ألف ليرة سورية، الوضع المادي صعب على الجميع، والأسعار غالية، ما يجعلنا نختصر من حاجياتنا بشكل كبير".
يتمنى سامر أن يستقبل رمضان بفرح وسعادة، لكن هناك الكثير من المنغصات التي تؤثر سلبيا على مشاعره أبرزها الاقتتال الداخلي الدائر بين الفصائل المعارضة والتقدم الكبير للنظام بعد سيطرته على القطاع الجنوبي في الغوطة الشرقية وبعض بلدات المرج، ولكن رغم ذلك يحاول أن يكون قويا ويظهر سعادته أمام والدته وأخيه الصغير، كي يشعرهما بالقليل من الفرح والراحة النفسية في شهر رمضان المبارك.
أما أم سامر فتقضي نهارها في العبادة والدعاء لزوجها المعتقل، ثم تبدأ بإعداد الفطور، وتشعر بالسعادة عندما ترسل الجمعيات الإغاثية طعاما لهم لأنها بذلك توفر على ابنها بعضا من المال حسبما تقول لشبكة بلدي "أشعر بتأنيب الضمير أحيانا لأن سامر حمل المسؤولية بدلا من والده في عمر صغير، أحاول أن أوفر عليه قدر الإمكان، وفي الكثير من الأوقات أتغاضى عن وضع اللحم في الطعام، بسبب غلاء اللحوم في الغوطة الشرقية، وأعتمد في الفطور نوعا واحدا، فليس بمقدور ابني أن يتحمل مصروف التنوع في الطعام، لذلك نكتفي بصنف واحد".

وتضيف أم سامر "أكون في قمة سعادتي عندما نحصل على وجبة طعام من إحدى الجمعيات الخيرية، لأننا بذلك نوفر ما سندفعه من أجل الفطور، وأتمنى أن نحصل على وجبة طعام يوميا".
ولعل انقطاع المياه عن الغوطة الشرقية، يعدُّ من الأسباب التي تنغِّص على الناس فرحتها بشهر رمضان المبارك، فالجميع يتعب بنقل المياه إلى المنازل، منهم "أحمد" الذي يستيقظ كل صباح، متجها إلى أقرب بئر، ليساعد أخاه في نقل المياه، ويحمل عنه جزءا من المسؤولية الملقاة عليه في نقل المياه بشهر رمضان، يقول: "أستيقظ باكرا وأذهب لتعبئة غالونات المياه من البئر، ولا أنكر أنني أشعر بالعطش والتعب الشديد أثناء نقل المياه إلى المنزل، كما أنني بدأت أعاني من وجع في الظهر على الرغم من صغر عمري لكن الماء شيء ضروري في الحياة لا نستطيع العيش من دونه".
يذهب أحمد بعد الإفطار مع أخيه لأداء صلاة العشاء والتراويح، يمسكان يد بعضهما، ويصليان معا ثم يختمان صلاتهما بالدعاء لوالدهما المعتقل ولجميع المعتقلين، كما يطلبان من الله النصر القريب وعودة الأمن والأمان إلى بلادهم.
وعلى الرغم من جميع المصاعب والمنغصات التي يعاني منها أهالي الغوطة الشرقية من حصار وقصف أحياناً واقتتال داخلي وارتفاع كبير للأسعار إلا أنهم يصرون على أن يعيدوا إحياء فرحهم وعاداتهم وأمسياتهم الرمضانية في شهر الخير والفرح والسرور.
وينشط خلال شهر رمضان بعض الباعة الذين ينتشرون في أسواق الغوطة الشرقية على عربات مميزة وبزي خاص، أبرز هؤلاء الباعة هو بائع شراب السوس والتمر هندي، هذا الشراب الذي لا يمكن أن تخلو منه مائدة إفطار في الغوطة الشرقية خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى انتشار بائعي الحلويات الشرقية وبائعي الثلج الذي يستخدمه أهالي الغوطة الشرقية في تبريد مشروباتهم نظرا لعدم توفر الكهرباء في الغوطة منذ أربعة أعوام تقريبا.
إلى ذلك، لفت أبو ماجد، وهو بائع قوالب ثلج، إلى رواج بيع قطع الثلج في المدينة، بسبب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، مشيراً أن الحصار وارتفاع الأسعار أجبر الناس على تناول الأطعمة الرخيصة والمشبعة، مثل الفول المدمس والتسقية (فتة)، في الوقت الذي كانت تكثر فيه الموائد الرمضانية قبل الحصار بمختلف أنواع الأطعمة التقليدية الدمشقية.

مقالات ذات صلة

بدرسون يصل دمشق لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية

مطالبات بإعادة إحياء صناعة الأحذية في سوريا

سفير إيطاليا لدى النظام "أبدأ بحماس مهمتي في دمشق"

قاطنو العشوائيات في دمشق"روائح كريهة وانتشار للقوارض ومعاناة مستعصية"

محاولة هروب فـاشلة لمتـ.ـهم في "مجزرة التضا.من" خلال محاكمته في ألمانيا

غارات إسرائيلية جديدة على المزة بدمشق