تلميذ واحد وخمسة مناهج.. كارثة التعليم في سوريا - It's Over 9000!

تلميذ واحد وخمسة مناهج.. كارثة التعليم في سوريا

بلدي نيوز- (ميرفت محمد)

خمسة مناهج تعليمية هي نصيب الطفل السوري الذي تحدى ظروفاً قاهرة كي يصل إلى المدرسة، فقد أصبح عليه تحت وطأة تلك المناهج أن يمجد ويجعل ولاءه لتنظيمات وأنظمة متعددة.

يخضع الطفل في مناطق النظام السوري لمنهاج يمجد الأسد و"حزب البعث"، أضيف إليهم مؤخرًا حلفاء النظام السوري، أما في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة" أو الأكراد الانفصاليون، فيخضع الطفل لمنهاج يعزز العسكرة لصالح هؤلاء، ثم يلتحق بهم الطفل اللاجئ في تركيا حيث تقترب وزارة التربية التركية من دمج التلاميذ السوريين بعد أن فرضت على المدارس السورية تعليم اللغة والثقافة التركية.

منهاج النظام يمجد "القائد" وحلفاءه

يقوم المنهاج السوري في مناطق النظام على تمجيد الأسد، وزرع أفكار "القائد الرمز" وحزب البعث في عقول التلاميذ، وتأتي (إنجازات) النظام في المرتبة الأولى في هذا المنهاج.

النكسة الجديدة التي حلت بهذا المنهاج، تمثلت في التغييرات التي وضعت خصيصًا لتمجيد صورة الدول المؤيدة لنظام الأسد،  الحلفاء الذين يدعمون هذا النظام ويرتكبون الجرائم بحق من يعارضه من السوريين، ويظهر تقرير جديد نشرته شبكة (زدني) التعليمي أن "إدخال اللغة الروسية في هذا الظرف له تداعيات سياسية بالدرجة الأولى، كونه قرارًا سياسيًا بامتياز بعيدا عن الجانب التعليمي"، ويوضح التقرير "أن اللغة الروسية مرتبطة في أذهان الكثيرين من الشعب السوري بموقف سياسي بالدرجة الأولى، مع أن الأدب الروسي لم يكن بعيدا عن حياة السوريين الذين مضى جيلٌ منهم على الالتزام بالماركسية أو الاهتداء بها".

ويؤكد التقرير على أن "نظام الأسد أحدث مادة خاصة بتمجيد سياسته أطلق عليها اسم (القومية) ليستبدل بالاسم فقط فيما بعد؛ لتصير (الوطنية)، مع بقاء المضمون الذي اختص بعرض إنجازات النظام المزعومة".

المعارضة تدرس منهاج النظام

يخضع التلميذ في مناطق المعارضة خلال المرحلة الابتدائية أو الإعدادية، لدراسة المنهاج الصادر عن وزارة التربية والتعليم في حكومة النظام السوري، والذي تم تنقيحه وحذف مادة "التربية القومية" و"التربية الوطنية".

هذه المناطق، ما تزال بحاجة لبعض الوقت لكي يكون لها منهاجها الخاص، فهي بحاجة للابتعاد كليًا عن أفكار النظام التي تمجِّد حزب البعث وعائلة الأسد، يقول الأكاديمي السوري (خالد خيرو محمد) إن السلطة السياسية هي من تتحكم بالمناهج في المنطقة التي تسيطر عليها، والسلطة الإدارية هي من تشرف عليها، بينما العلم والتلميذ من ينفذ هذه السياسة، مضيفًا: "التلاميذ سيصقلون بالمناهج التي يدرسونها، والفكر الذي يغذيه لهم المعلمون حسب السياسة التربوية المتبعة بكل منطقة، وكلما كان الوقت طويلاً أصبح الخطر أكبر".

ويشير (محمد) خلال حديثه لـ"بلدي نيوز" إلى أنه في الوقت الذي لا تتوافر فيه الوسائل التعليمية ويمل التلاميذ من عدم وجود مدرسين مناسبين وعدم توافر الكتب، تعتبر المناهج الحلقة الأسوأ في التعليم، ويختم بالقول: "الأثر السلبي سوف نلاحظه بعد خمسة أعوام من الآن عند ما ينخرط الخريجون الجدد في سوق العمل".

المنهاج التركي قريبًا لتلاميذ سوريا

يخضع التلميذ السوري في تركيا إلى دراسة المنهاج الذي يعتمده النظام، لكن كما مناطق المعارضة في الداخل تُلغى مادة القومية.

مؤخرًا، قررت السلطات التركية تعليم اللغة التركية كلغة أولى من الصف الأول إلى الصف الرابع، كما يسعى التعليم التركي إلى دمج تلاميذ الصف الأول من السوريين في المدارس التركية.

تحدثنا إلى مديرة مدرسة فاطمة الزهراء في تركيا (نجلاء حجازي) فأعربت في البداية عن استيائها من تخصيص ثلاث حصص دراسية من التربية التركية لتعليم التلاميذ السوريين اللغة التركية، وتضيف لـ"بلدي نيوز": "يبقى لنا كتعليم سوري فقط ثلاث حصص دراسية، والأخطر أن سياسة الدمج التي ستقر قريبًا، في العام الدراسي القادم، تقضي بإلغاء المنهاج السوري، حيث سيخضع التلاميذ للمنهاج التركي"، وتؤكد (حجازي) على أن الأمر سيكون له انعكاسات سلبية كبيرة، إذ ستنتهي الدراسة باللغة العربية، وسيفقد الطفل انتماءه لبلده.

حجازي التي بدأت جهدها في مجال التعليم بافتتاح مدرسة من غرفتين في بيتها، تقول إن مهام الائتلاف السوري تقتصر فقط على توثيق الشهادات، فهو لا يدعم التعليم في تركيا، وتحذر (حجازي) من انقطاع التلميذ السوري عن  المنهاج والسلسلة التعليمية الوطنية، خاصة أن  العادات الاجتماعية للشعب التركي مختلفة عن الشعب السوري.

منهاج القتل!

قبل أيام، تناقلت وسائل الإعلام السورية قيام تنظيم "الدولة" بإحداث ما سماه "مدرسة الأشبال العسكرية" أو "معسكر الأشبال" في جنوب دمشق، يتم في هذا المدارس تدريب أطفال ما بين 11 – 14 عاماً على استخدام الأسلحة.

في العام 2015، أنشأ التنظيم المدارس النظامية في شرق سوريا، وجهزها ووضع لها المناهج الممتلئة بالعنف، ففي كتاب الرياضيات طبعت المسائل الرياضية على خلفية صور رصاص وأسلحة كعلامة مائية.

ويؤكد تقرير نشره موقع "فورين بوليسي" أن (داعش)، اتخذ من العنف والآلات الحربية منهاجًا دراسيًا لأطفاله، ووضع مناهج تعليمية لتربية جيل من المحاربين، ويذكر التقرير أن "التنظيم لم يكتفِ بتعليم مبادئ الجهاد، لكنه أُقحم في المناهج الدراسية الأساسية البسيطة كالرياضيات واللغة الإنجليزية، وأنشأ المدارس وأعد المناهج الدراسية، وحتى طور تطبيقات على الهواتف الذكية من أجل تعليم الأطفال".

ويؤكد كبير الباحثين في "الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والرد عليه" (بيتر وينبرجر) على أن استخدام تنظيم "الدولة" للسوشيال ميديا والتكنولوجيا أكثر تطورًا من التنظيمات السابقة، مضيفًا "أن استثمار التنظيم في أطفاله سيؤتي ثماره، فبمجرد أن يعلم داعش أتباعه من الأطفال اللغة الإنجليزية، فسيكونون قادرين، ليس فقط على التواجد في صفوف القيادة، إنما أيضًا يمكنهم إجراء مقابلات مع شبكات إجرامية لاستقطاب وتجنيد عدد أكبر من المقاتلين، بالإضافة إلى التواجد عبر الإنترنت لتعزيز ودعم التنظيم لدى المستخدمين الناطقين باللغة الإنجليزية".

"الإدارة الذاتية".. منهاج يعزز الانفصال الكردي

في مناطق الشمال السوري التي يسيطر عليها حزب "الاتحاد الديموقراطي"، فرضت "الإدارة الذاتية" منهاجاً جديداً موحداً على مدراس الجزيرة وعفرين وعين العرب "كوباني"، وقامت باستبدال مادة "التربية القومية" التي كانت تمجد "حزب البعث" بكتاب جديد يمجد أفكار قائد حزب العمال الكردستاني (عبدالله اوجلان) عرف باسم "الأمة الديموقراطية"، كما استبدلت كتاب "التربية الإسلامية" بكتاب "تاريخ الأديان"، تناول الديانة الإسلامية والمسيحية وحتى الزردشتية، ويتم تدريس هذه الكتب على يد مدرسي الإدارة الذاتية الموالين لها.

تؤكد المصادر السورية على أن هذا المنهاج يعزز لدى التلميذ نزعة إيديولوجية باتجاه طرف سياسي واحد، ويدعم فكرة تقبل مجتمع واحد فقط يحتوي على الأفراد المؤمنين بفكر وإيديولوجية الاتحاد الديمقراطي.

تتولى الآن الإدارة الذاتية مسؤولية تدريس 13 حصة أسبوعيًا من حصص المرحلة الإعدادية، في هذه الحصص يخضع التلاميذ لمناهج وفقرات مؤدلجة خاصة بالإدارة الذاتية، أما في المرحلة الثانوية فتسيطر الإدارة على 32 حصة أسبوعيًا من حصص المرحلة الثانوية، فيها يتدارس التلاميذ أفكار الإدارة الذاتية ومناهجها البديلة عن حصص التربية الوطنية.

مقالات ذات صلة

"الوطني الكردي" يحدد الجهة المسؤولة عن حرق مكاتبه في سوريا

"مسؤول كردي": "ب ي د" يتعمد تزويد النظام السوري بموارد المنطقة ويحرم السكان

عائلة تعتصم للمطالبة بإعادة طفلتها التي اختطفتها "الشبيبة الثورية" في القامشلي

"مراسلون بلا حدود" تدعو "الإدارة الذاتية" للإفراج عن الصحفي برزان حسين

"ب ي د" ينشر تسجيلاً مصوّراً لاقتحام نقطة "باصوفان" شمالي حلب

"الائتلاف الوطني" يدين اعتقال "ب ي د" لأكثر من 50 شاباً في منبج