معاذ الخطيب ، خالد خوجة ، وهادي البحرة
(الغارديان) – ترجمة بلدي نيوز
عاد الإرهاب إلى شوارع باريس، ومعه عاد الإدراك بأن الجهود الدولية الرامية إلى دحر الإرهاب قد فشلت، فقد شجع ذلك "تنظيم الدولة الإسلامية" في الاستمرار بالهجمات الإرهابية ودفع المدنيون الثمن في نهاية المطاف .
لقد شهدنا كرؤساء لجماعة المعارضة الرئيسية في سورية - الائتلاف الوطني السوري – العنف الذي دمر أمتنا وأصاب المنطقة وهدد السلام والأمن في أوروبا، ولذا نقول اليوم كفى، حان الوقت لمواجهة الحقائق .
فالنهج العشوائي الذي اُتخذ لمعالجة الأزمة السورية كان كارثياً، ولذا نحن بحاجة لحلول شاملة تضح حداً للحرب في سورية وتدمر الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة وبشكل نهائي، وهذا الأسبوع لدينا الفرصة لتحقيق ذلك بالضبط، فحالياً تجري جولة جديدة من محادثات السلام حول سورية في فيينا، والتي إن تمت بشكل صحيح فقد تساعد على تحقيق نهاية دائمة للأزمة في سورية وإيجاد نهج فعال لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية .
ولكن حتى يتم ذلك، يجب على قادة العالم أن يدركوا أنه يجب معالجة المشكلتين جنباً إلى جنب، فلتحقيق حل سياسي يجب هزيمة التنظيم وإجراء انتقال سياسي للسلطة في ذات الوقت .
ولقد حافظ الائتلاف لوطني السوري لوقت طويل على موقفه، بأنه لتحقيق الانتقال في سورية، يجب أن يكون لدينا خطة فعالة لمكافحة الإرهاب، فهذا هو سبب محادثات السلام في جنيف في عام 2014، قلنا بوضوح أننا مستعدون وراغبون في إجراء محادثات متوازية ومتزامنة على اثنين من القضايا الرئيسية من تشكيل هيئة الحكم الانتقالي ومكافحة الارهاب، ولكن بعد ذلك - كما هو الحال الآن – لم يكن الأسد مهتماً، وعلى الرغم من مزاعمه بأنه يريد مواجهة الإرهاب، فقد فعل كل ما في وسعه لعرقلة المحادثات وزيادة حجم القتل في سورية وبالتالي أدى ذلك لنمو تنظيم الدولة وأصبحت سورية ملاذاً آمناً له.
دعونا نكون واضحين: الأسد لم يكن، ولن يكون من أي وقت، بديلاً عن تنظيم الدولة، فهو لن يجلب السلام لسورية ولن يكن قادراً أيضاً على السيطرة على المتطرفين .
كما أن النظام لا يملك القوة على استعادة السيطرة والاستقرار في البلاد، والقوى المعتدلة من المعارضة هي القوى الوحيدة التي أثبتت قدرة على مكافحة التنظيم واستعادة الأراضي، كما فعل الجيش السوري الحر في عام 2013.
ولكن بفضل دعم شركائنا الغربيين، فإن القوى المعارضة المعتدلة تعاني الآن شحاً في الاسلحة والموارد ، وعلى الرغم من كل النداءات المتكررة، فإننا لم نتلق الدعم اللازم من أصدقائنا.
الطريقة الوحيدة الفعالة لمكافحة التنظيم هي بخلق قوة قادرة على مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار للبلاد مع الدعم المناسب، الأمر الذي سيمكنها من اجتثاث إرهاب الدولة في معقله في مدينة الرقة .
ولكن هذا لن يحدث ما لم نصيغ خطة سياسية تضمن الانتقال بعيداً عن القيادة السورية الحالية وتنص بوضوح على أن النهاية هي خروج الأسد من السلطة.
وبخروج الأسد، نعني نهاية حقيقية لحكم آل الأسد وخطة متناسقة لتغيير القطاع الأمني الفاسد_ كي لا يحدث التناقض الصارخ الذي حدث في وضع اليمن عندما سُمح لعلي عبد الله صالح بالبقاء رئيساً لحزبه السياسي وبحكم الواقع _ المسؤول عن الأجهزة الأمنية، مما اوقع اليمن بعواقب وخيمة لاحقاً .
ووفقاً للشروط المذكورة أعلاه، فإن المعارضة ستعمل مع منظمات الدولة على استعادة الخدمات الأساسية، وحينها سيركز الجيش الحر عن طيب خاطر جهوده لدحر تنظيم الدولة الإسلامية.
أما التعاون الفعلي فسيتم بين الجيش الحر ووحدات من الجيش الوطني السوري الغير مرتبطة بشكل مباشرة مع عائلة الأسد، وذلك بعد تحديد وإزالة الضباط الفاسدين المقربين من النظام، وبالتالي سيشكل هذين المكونين معاً _ قوة وطنية مكرسة لمكافحة الإرهاب وضد أي قوى تسعى لزعزعة استقرار البلاد، كما سيكون لهذه القوة القدرة على توفير أفضل فرصة للمجتمع الدولي لهزيمة تنظيم الدولة.
ولكن للقيام بذلك، يجب على روسيا وقف استهداف معاقل المعارضة المعتدلة السورية ووضع حد للاعتداءات على قوات الجيش السوري الحر - الهجمات التي جعلت التنظيم أقوى وأدت لقتل المدنيين الأبرياء.
كما يتعين على روسيا أيضا إيقاف إصرارها المضلل على إبقاء الأسد في السلطة، وإن تخلت روسيا عن موقفها، فإنها ستجد المعارضة على استعداد للتعاون، فحكومة فعالة تجمع المعارضة والمؤسسات الحكومية من دون الأسد ودائرته، هي الاقدر على تحقيق الاستقرار للبلاد ومواصلة مكافحة الإرهاب.
وحتى نستطيع القيام بهذا المنهج وبغية جعل الطريق لانتقال سياسي قابل للتطبيق، يجب وبشكل عاجل_ وقف القصف الجوي العشوائي والذي ما زال السبب الرئيسي لانعدام الأمن في جميع أنحاء سورية، فحماية المدنيين هي محور أي عملية سياسية، بما في ذلك "فيينا".
كما على السوريين أنفسهم تنفيذ السلام بأنفسهم وذلك بقيادة عملية سياسية، والسوريون واضحون تماماً: فلا يمكن للأسد أن يكون جزءاً من مستقبل سورية الديمقراطية، وفقط بعد إزالته، يمكن أن ننقذ ما تبقى من الدولة السورية والقضاء بشكل فعال على الإرهاب وبالتالي سيحظى العالم مرة أخرى بالأمن.