مدنيو الرقة.. كالمستجير من الرمضاء بالنار - It's Over 9000!

مدنيو الرقة.. كالمستجير من الرمضاء بالنار

بلدي نيوز - الرقة (نجم الدين النجم)
لم يتجاوز الغضب والحزن على استشهاد أكثر من 300 مدني جُلهم من النساء والأطفال في بلدة المنصورة، بريف الرقة الغربي، أروقة الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي أقام فيه الإعلام العالمي الدنيا بعد مقتل 5 بريطانيين في هجوم إرهابي قبل أيام في لندن، في ازدواجية دموية مقيتة نعاصرها اليوم في عصر الديمقراطيات الكبرى التي تنادي بالإنسان وحقوقه ورفاه حياته.
تخلّف الإعلام العالمي والعربي وحتى المحلي المعني بمحافظة الرقة، عن تحويل هذا الحدث إلى فاجعة كما هي حقيقته فعلياً، فمر هذا الخبر وكأنه شيء طبيعي لابد أن يكون إذا أرادت مدينة الرقة التحرر من نير تنظيم الدولة، واختلفت الآراء والتوقعات بين الناشطين والإعلاميين عن أعداد ضحايا المجزرة هل بلغوا الـ300 حقاً أم لم يبلغوا ذلك، في نكوص إعلامي مثير للاستغراب، متماهِ مع الازدواجية العالمية في التعاطي مع الجرائم الحاصلة في سوريا على أيدي الإرهابي الأول بشار الأسد وأذرعه السوداء والصفراء، من الأصوليين من مختلف المذاهب والقوميات.
300 مدني ارتقوا فجأة بضربة واحدة من طيران التحالف الدولي، على مدرسة البادية في بلدة المنصورة، تبعهم أكثر من 47 مدنيا في غارات مشابهة على مدينة الطبقة خلال اليومين الماضيين، هؤلاء الضحايا هم أرقام أنتجتها التعديلات التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على قواعد الاشتباك التي وضعها سلفه، والتي كانت تشدد على تجنب وقوع ضحايا مدنيين قدر الإمكان في العمليات العسكرية للجيش الأمريكي، فكان أهالي الرقة كالذي استجار من الرمضاء بالنار.
حول هذا الموضوع يقول الكاتب والصحافي "يوسف دعيس"، "ليس من المستغرب هذا التعتيم الإعلامي على الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، فمنذ البداية أغمض العالم عينيه عن رؤية مناظر الدمار والقتل والجرائم الجماعية التي ارتكبها النظام، ثم الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الطائفية التي تقودها إيران في سوريا، وعلى رأسها جرائم حزب الله، ثم كانت الطامة الكبرى على أيدي روسيا والتحالف الدولي".
ويرى الصحافي السوري أن "آلاف الصور التي هرّبها "قيصر" لم تحرك ساكناً، وهي أدلة قاطعة تثبت أن النظام المجرم يعذب ويقتل، ويجب إحالته إلى المحاكم الدولية، وقبلها جرائم استخدامه للأسلحة الكيماوية، التي اكتفى العالم بإبرام صفقة معه على حساب دماء السوريين، كل الجرائم والمجازر المرتكبة في سوريا تدعو إلى إحالة مرتكبيها إلى المحاكم الدولية، لأنها جرائم ضد الإنسانية، لكن ما يدعو للأسف إغفال المجتمع الدولي عن هذه المجازر الوحشية، وعدم تفعيل مبادئ حقوق الإنسان، التي يأتي في مقدمتها مسألة تحييد المدنيين عن النزاعات المسلحة".
وأضاف، "الرقة اليوم منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، كانت وعود الأمريكان أنهم وضعوا خطة لإخلاء المدنيين، وسيبنون مشاف ميدانية ومخيمات تستوعب النازحين، وفتح ممرات آمنة لهم، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، فالهدف واضح قتل المدنيين قبل داعش، فليس هناك حرمة لدم، والمشاهد اليومية في الطبقة والمنصورة والرقة وريفها تؤكد أن التحالف الدولي والنظام وروسيا لن يوفروا أحداً من الموت، وآلة الموت الجبارة ستحصد الجميع، وسط هذه التعتيم الإعلامي، والغياب شبه التام للمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان".
ويؤكد "دعيس" أن العالم تحول إلى شريك بدماء السوريين، فهذا هو طيران التحالف يرتكب المجزرة تلو المجزرة بحق المدنيين، والجميع مغمضة عيونهم تجاه هذه الجرائم، بدء بالمرصد السوري لحقوق الإنسان، وانتهاءً بوسائل الإعلام التي يأتي ذكر الجرائم فيها عرضاً حيث تخلو من الصدى المؤثر في الرأي العام العالمي، ولتبقى مجرد صرخة في واد، ووحدهم أهالي الضحايا يكتفون بتعزية أنفسهم على صفحات التواصل الاجتماعي".
من جهته يقول "فرات الوفاء" مدير شبكة إعلاميون بلا حدود في مدينة الرقة "أن تهمّش الرقة إعلامياً ليس بالشيء الجديد إطلاقاً هكذا كانت منذ دور النظام إلى أن احتلت داعش الرقة، فأصبحت الرقة أشهر من نار على علم وعرف عنها زوراً وباطلاً أنها حاضنة للإرهاب الداعشي وهي في حقيقة الأمر أسيرة ومحتلة من قبل تنظيم إرهابي (استدعى إيجاد تحالف دولي للقضاء عليه)".
وأردف فرات "الرقة وأهلها مغلوب على أمرهم، وأعتقد أن الصمت عن مجازر الرقة هذه الأيام يعود لأكثر من سبب أهمها أن البعض يتمنى أن تنتهي داعش في سوريا مهما كان الثمن طالما أنه لا يدفع منه شيئاً، والبعض الآخر يرون أن لا جدوى من استجداء العالم لإيقاف قتل المدنيين لأن العالم يشاهد بأم العين جرائم النظام ولا يحرك ساكناً"، مشيراً إلى أن "المسؤولية اليوم حُصرت بناشطي الرقة وسياسييها ومثقفيها، وعليهم أن يستعدوا لتحمل المسؤولية وحدهم".

مقالات ذات صلة

وفد من التحالف يناقش مطالب الكرد في القامشلي شرق سوريا

صحيفة بريطانية "الأسد أخفى أموالاً في بريطانيا تقدّر بـ163 مليون جنيه إسترليني"

صحيفة أمريكية تكشف طريقة هروب بشار الأسد

رائد الصالح يؤكد مسؤولية المجتمع الدولي في وقف الجرائم ضد المدنيين في سوريا

ميليشيات إيران تستهدف قاعدة للتحالف شرق سوريا

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي

//