بلدي نيوز – رواد الحلبي
تطرح هجمات العاصمة الفرنسية باريس، يوم الجمعة 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، والتي تبناها تنظيم "الدولة" بتسجيل صوتي تناقلته وكالات الانباء العالمية وشبكات التواصل الاجتماعي، تطرح تساؤلات، لا يمكن لعاقل أن يتجاهلها، أهمها لماذا باريس على وجه الخصوص؟ ومن المستفيد من استباحة دم الفرنسيين، دون غيرهم من الأوربيين خصوصاً والغربيين عموماً؟
للإجابة على هذه التساؤلات وبمقارنتها بالملف السوري، لا بد من العودة بالتاريخ إلى المواقف الفرنسية من الثورة السورية منذ انطلاقتها ومن نظام الأسد.
2/3/2012 فرنسا تغلق سفارتها بدمشق
كانت فرنسا أول من اغلقت سفارتها في دمشق "تعبيراً عن ادانتها لفضيحة القمع الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه" كما جاء آنذاك على لسان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الثاني من أذار/مارس من عام 2012.
وقال ساركوزي في مؤتمر صحفي، إثر قمة للاتحاد الاوروبي في بروكسل: "ما يحصل فضيحة، هناك اكثر من ثمانية الاف قتيل من بينهم مئات الاطفال وحمص تواجه خطر أن تشطب من الخارطة، هذا أمر لا يمكن القبول به ابداً".
31/8/2012 وزير الخارجية الفرنسية يكشف عمالة بيت الأسد
في رد لوزير الخارجية الفرنسي باجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة على كلمة لمندوب نظام الأسد (بشار الجعفري) والذي تطرق إلى فترة الاحتلال الفرنسي لسوريا، قال موجهاً كلامه للجعفري: "كفاك إشباعنا آراء ونظريات، وبما أنك تحدثت عن فترة الاحتلال الفرنسي، فمن واجبي أن أذكرك بأن جد رئيسكم الأسد طالب فرنسا بعدم الرحيل عن سوريا وعدم منحها الاستقلال، وذلك بموجب وثيقة رسمية وقع عليها ومحفوظة في وزارة الخارجية الفرنسية، وإن أحببت أعطيك نسخة عنها".
13/11/2012 فرنسا تعترف بالائتلاف الوطني
اعترفت فرنسا كأول الدول الأوربية والغربية بـ "الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية" ممثلاً وحيداً للشعب السوري على لسان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الثلاثاء 13 تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2012، بعد تأسيسه بيومين في العاصمة القطرية (الدوحة).
وقال هولاند: "أعلن أن فرنسا تعترف بالائتلاف الوطني السوري الممثل الوحيد للشعب السوري، وبالتالي الحكومة المؤقتة القادمة لسوريا الديموقراطية التي ستتيح الانتهاء من نظام بشار الاسد".
29/9/2015 فرنسا تفتح تحقيق جنائي بجرائم الأسد
فتحت فرنسا تحقيقاً جنائياً بجرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد بحق السوريين، حيث اعلنت مصادر دبلوماسية أن نيابة باريس فتحت تحقيقاً جنائياً في "جرائم حرب" ضد نظام بشار الأسد، وذلك استناداً إلى شهادة مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية، فر من سوريا في 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة فوتوغرافية عن عمليات تعذيب.
28/9/2015 فرنسا ترفض المقترح الروسي وتصر على رحيل الأسد
تمسك الفرنسيون منذ انطلاق الثورة السورية بموقفهم على رحيل الأسد عن السلطة كحل وحيد لإنهاء الأزمة السورية، والتي كان أخرها تأكيد الرئيس الفرنسي هولاند على أن "أي حل سياسي في سوريا يجب أن يستند على إقصاء الأسد".
هولاند قال على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد مداخلة للرئيس الروسي بوتين والذي دعا لدعم الأسد في محاربة تنظيم "الدولة"، قال هولاند: "نحن نبحث عن حل سياسي للأزمة السورية ولا أحد يتخيل حلاًّ مع بشار الأسد، أنا أرفض ذلك، وأيضاً باراك أوباما، وزعماء دوليون آخرون، وعلى الروس أن يضعوا ذلك في حسبانهم".
وبالابتعاد عن المتاجرة بدم الفرنسيين لصالح هذا أو ذاك وبالنظر إلى تاريخ المواقف الفرنسية من نظام الأسد منذ بدء الثورة السورية، فالمنطق يقول تبدو فرنسا أكثر دولة أوربية دعماً لثورة السوريين ولو كان سياسياً على أقل تقدير، والأكثر عداءً وادانة لجرائم نظام الأسد وحلفاءه.
عدا عن ذلك فإن التوقيت بضرب قلب أوربا الحاضنة للمحادثات الدولية بشأن الملف السوري في فيينا، كان يتطلب توجيه أنظار الأوربيين والعالم إلى حليف لطالما ادعى الأسد وحلفاءه أنهم الأوائل في محاربته، محذرين أوربا منه، وبالتالي توجيه أنظار الأوربيين إلى مجرم يغطي بسفك دمائهم على مجرم سفك دماء السوريين وبنفس الأساليب منذ خمس سنين.
وبالنظر إلى موقع فرنسا أوربياً، ففرنسا من كبرى الدول الأوربية اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً على الإطلاق، وعضو في حلف شمال الأطلسي، وأولى المؤسسين للاتحاد الأوربي، عدا عن أنها من أوائل وأكثر الدول الأوربية حاضنة لجاليات عربية مسلمة، واستهدافها سيكون له ردة فعل مباشرة وقوية.
والقارئ لردود أفعال "محور الممانعة" يلاحظ خروج بشار الأسد خلال استقباله وفداً فرنسياً يضم عدداً من البرلمانيين والمثقفين والإعلاميين برئاسة عضو الجمعية الوطنية الفرنسية النائب تييري مارياني، ليقول إن الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس، لا يمكن فصلها عما وقع في العاصمة اللبنانية بيروت مؤخراً، وما يحدث في سوريا منذ خمس سنوات، وفي مناطق أخرى، موضحاً أن الإرهاب هو ساحة واحدة في العالم وأن التنظيمات الإرهابية لا تعترف بحدود.
كذلك، لم يخرج الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني حسن نصرالله في اليوم الذي شهدت فيه الضاحية الجنوبية هجمات سقط فيها 44 قتيلاً وأكثر من 200 جريح، بل خرج بعد هجمات باريس، بغية الربط بين الهجومين، ومحاولة إظهار أن الحزب كما فرنسا متضررا من الإرهاب، ودان نصرالله مساء السبت "بشدة" اعتداءات باريس الدامية وندد بـ "مجرمي تنظيم الدولة" الذي تبنى الاعتداء، ولم تمر على نصرالله مسألة إعلان أن أحد منفذي الهجوم بالضاحية "سوري الجنسية".
من جهته، بعث الرئيس الإيراني حسن روحاني برقية تعزية لنظيره الفرنسي فرانسوا اولاند، وقال روحاني: "نيابة عن الشعب الإيراني الذي هو من ضحايا ظاهرة الارهاب المشؤومة، ندين ونستنكر بشدة هذه الجريمة البشعة اللاإنسانية ونتقدم بالتعازي لفرنسا حكومة وشعبا"، واعتبر الرئيس الايراني أن "أهم رسالة يطلقها العالم ازاء مثل هذه الاعمال، تتمثل بتبني الارادة والعزم لمواجهة شاملة ضد المجموعات الارهابية".
وليس بالضرورة أن تكون الأطراف الثلاثة مسؤولة بشكل مباشر عن الهجمات، فتنظيم الدولة تلقى كل الدعم والتسهيلات من قبل نظام الأسد في حرب التنظيم ضد الجيش الأمريكي في العراق، بحسب تقارير ودراسات إعلامية.
وكذلك إيران حليفة النظام استغلت ورقة التنظيم منذ دخول واشنطن إلى العراق، بغية إجبارها على الانسحاب والتمهيد للوصاية الإيرانية الكاملة على مقدرات العراق النفطية والاقتصادية، ناهيك عن اختراق أجهزة الأمن العراقية لبعض القيادات في التنظيم، فلماذا فرنسا؟.. "فتش عن المستفيد" كما يقول الإعلامي "فيصل القاسم".