لم تشفع لهم براءتهم، كما لم يفرحوا بثيابهم، فالموت بالبراميل والصواريخ أسرع مما ظنوا، ولم يعلموا أيضاً أن ما اشتروه كان كفناً وليست بثياب عيد، هذا ما حكم عليهم أرعن ما فتئ يقتلهم على مدار خمسة أعوام.
هنا الصورة أبلغ من الكلمات، وهنا يتحدث الطفل "محمد خيرو المقداد" عن حال عيد أطفال درعا وسوريا، وهنا أيضاً.. حال لسان الأسد يقول "لا حياة ولا عيد لأطفال كانوا أول من أرادوا الإطاحة بعرشي".
ظهر "محمد المقداد" ثاني أيام عيد الفطر مبتسماً بثيابه الجديدة من مدينة بصرى الشام، ليظهر بعد ساعات شهيداً مكفناً بالثياب نفسها، ومعه عائلته أيضاً، والده (إبراهيم) وأخته (خديجة)، وجدته (فاطمة).
ولم يكن "محمد" وحده المُكَفن بجديد العيد، بل كانت عربين المحاصرة شاهدة على شهداء العيد من الأطفال، وكانت "سلام كرنبة" ضحية مجزرة الطيران الحربي في المدينة، ولم يشفع لها حتى اسمها "سلام"، ولا حتى ثيابها البيضاء، كذلك.. لم تحصل على هدنة مع الموت أيام العيد.
ولأطفال حلب نصيب من الموت أيضاً، فالشهيدة "لانا فادي حبوش" لم يسعفها الوقت حتى ترتدي جديد ثيابها، لتنال منها الصواريخ في دارة عزة بريف حلب، آخر أيام شهر رمضان.
هنا في الداخل السوري تطول القائمة، فلا يمكنك إحصاء وتوثيق، كما لا يمكنك الفراغ لكتابة اسم طفل شهيد، فساعة سوريا عقاربها شهداء، ودقائقها مجازر، تسجل الوقت بماركة "الأسد" المسجلة أصولاً، وشهادة "إيزو" مستحقة ببراعة، ممهورة بختم "الأمم المتحدة".