بلدي نيوز – (متابعات)
كتب الأكاديمي السوري والمعارض لنظام الأسد برهان غليون، مقالاً نشر على موقع العربي الجديد بعنوان "تمثيلية المفاوضات، سوريا على طريق فلسطين".
وقال "غليون" أن السوريين لن يتقدموا خطوة واحدة إلى الأمام في محادثات جنيف الرابعة، والتي سوف تنتهي كما انتهت مفاوضات جنيف 1 و2 و3، أي قبل أن تبدأ وقبل أن تنهي مناقشة جدول الأعمال التي تحطمت على صخرتها جميع المؤتمرات التفاوضية السابقة، لكن هذه المرة بمنسوبٍ أقل من التهم والشتائم التي يتقنها وفد النظام، احتراماً لحليفه الروسي الذي وقعت عليه للمرة الأولى رعاية "تمثيلية" المفاوضات السورية، والسبب بسيط بكثير مما تدّعي الدبلوماسية الدولية، وما يريد كبارها أن يقنعوا الرأي العام السوري به، وهو لا يختلف عن السبب الذي أفشل مفاوضات الحل السياسي في فلسطين منذ مؤتمر مدريد الشهير في عام 1991.
وأشار "غليون" إلى أن نظام الأسد والإيرانيين يرفضون التخلي عن السيطرة على كامل السلطة والبلاد مهما كانت الظروف، لأنهم يريدون بكل بساطة الاحتفاظ بها، كما رفض نظام الاحتلال الإسرائيلي التنازل عن أي شبرٍ من فلسطين.
وشبه "غليون" القضية السورية بالقضية الفلسطينية، وأن المجتمع الدولي يتعامل بنفس أسلوب قضية فلسطين، حيث لم يكن لدى القيادة الفلسطينية بكل أجنحتها، ولا الرأي العام الفلسطيني على تعدّد اتجاهاته أي شك في أن الولايات المتحدة هي الراعي الرئيسي لإسرائيل، والضامن لمصالحها وأمنها، وتفوّقها على عموم المنطقة العربية وغير العربية في الشرق الأوسط، وأن واشنطن لا يمكن أن تفعل شيء يسيء إلى مصالح الاحتلال الإسرائيلي.
ونوه إلى أن المفاوضات مع نظام الأسد ستبقى عقيمة مهما تعدّدت المؤتمرات، على تماهيها مع إسرائيل، لتعود الصورة نفسها في ما يتعلق بمراهنة السوريين وقادة المعارضة أيضاً على موسكو، وعلاقتها القوية مع نظام الأسد، والتي تريد في نظر "غليون" أن تحولها إلى علاقات وثيقة ونهائية، لا تنافسها أي علاقات أخرى، بما يناظر الترابط الوثيق في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، للضغط على نظام الأسد وطهران، وحثهما على قبول تسوية تحفظ ماء وجه معارضة فقدت، كما حصل للفلسطينيين، كحماس وحلفائها السابقين ودعمهم، وغيب أصدقاءها اليأس والخوف من التورّط معها.
وأضاف غليون "في الحالتين كان الحصيلة صفراً، وبدل أن تكون المفاوضات وسيلة للتوصل إلى حل للنزاع أو الصراع القائم، اصبحت هي المشكلة، وأصبح الهدف الذي يسعى إليه الأطراف حلفاء المعارضة وأصدقاء الشعب السوري هو الجري وراء اجتماعات لا معنى لها ولا قيمة، والتأكيد على أهمية محادثات تبعد الأطراف عن القضية المطروحة للنقاش أكثر مما تقربها من إيجاد حل لها".
وشددّ على أن ما يحصل هو تقويض أسس أي مفاوضات جدية، ووضع السوريين ومعارضتهم كما وضع الفلسطينيون وقادتاهم منذ ربع قرن أمام خيار واحد، وهو قبول الأمر الواقع، وأن استمرار الحديث عن مفاوضات قادمة يفتح إمكانية تمرير فرض الأمر الواقع بالتدريج دون أن يشعر الطرف المعني، أو بالأحرى تهريب الحل العسكري الذي يتقدم وحده على الأرض، وتحويل المفاوضات إلى مخدّر من أرخص الأثمان.
وتابع قائلاً أن المفاوضات ستستمر مع النظام السوري وأولياء أمره من الإيرانيين عقيمة، مهما تعدّدت المؤتمرات، وأعيد صياغة المبادرات لتمريرها على الرأي العام السوري، والمستفيد الوحيد من هذا العقم والفشل والتأجيل الدائم للحل قوى التطرّف التي يمقتها الجميع، لكنه يعمل على تغذيتها في كل خطوةٍ يسعى فيها إلى الإبقاء على أصل المأساة ومصدرها، وهو نظام القهر والإذلال والتعذيب والمعتقلات، وسيخطئ أيضا الذين يسوقون من بين الحكومات العربية حلا رخيصا على طريقة المحاصصة الطائفية، يغطي على الإبقاء على نظام العبودية، أو تقاسما للسلطة مع مجرمي الحرب وأبطال الإبادة الجماعية، لأن الأغلبية الساحقة من السوريين لن تقبل، وسوف ترفض تحويلها إلى طائفةٍ وطوائف متنازعة على سلطاتٍ ومناصب وهمية.