بلدي نيوز – (نجم النجم)
سيطرت ميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" منذ أيام قليلة، على مناطق واسعة في ريفي محافظة الرقة الشمالي والغربي، ضمن المرحلة الثانية من عملية "غضب الفرات" التي بدأتها في 10 كانون الثاني/نوفمبر الفائت.
وصرحت "قسد" التي تشكل "الوحدات الكردية عامودها الأساسي" أن حملتها تركزت على محورين رئيسيين وهما محور عين عيسى في الشمال، ومحور القادرية في الغرب، وحققت نتائج جيدة، حيث التقى المحوران ببعضهما بعد السيطرة على قريتي الهويج وكرمانجو، ليكتمل حصار قواتها لعناصر التنظيم من جهتي الشمال والغرب بشكل كامل، في قرى وبلدات "الوقيد، والدبشة، ورجم الرحابية، وخربة هدلا، والوقيد، والبري".
كما نوّهت "قسد" إلى أن قواتها تقدمت خلال المرحلة الثانية بمسافة 57 كلم من جهة المحور الغربي، و34 كلم من المحور الشمالي، واستطاعت فيها السيطرة على عشرات القرى وكذلك التصدي لهجمات عناصر تنظيم "الدولة" المتكررة.
وتحظى ميليشيات "قسد" بدعم عسكري ميداني لا محدود من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، في معاركه الهادفة إلى السيطرة على مدينة الرقة، أكبر معاقل تنظيم "الدولة" في سوريا، إلا أن دخول مرحلة انتقال السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذا الشهر، جعل تقدم قسد على الأرض يبدو أبطئ من المعتاد، خصوصاً أن التنظيم بدأ يحشد عناصره بسرعة كبيرة في محيط الرقة الغربي لخوض المعارك.
وحول هذا الموضوع، يقول الكاتب والباحث السياسي السيد نواف الركاد: "تعاني منطقة الشرق الأوسط من لعنة التاريخ والجيوبوليتيك، ولعل المعضلة السورية فجّرت الدمامل القومية والدينية والطائفية ما أثّر بشكل مباشر على الأمن القومي لكل دول الجوار وعلى وجه الخصوص تركيا".
ويضيف السيد الركاد لبلدي نيوز "تركيا التي تعاني من صداع القضية الكردية وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع أحلام حزب الاتحاد الديمقراطي المنتشي بأوهام الدعم الأمريكي المطلق، دون أن يدري بأن العلاقات الدولية تبنى على أساس ترتيب أولويات الحليف الاستراتيجي والحليف التكتيكي في زمن الصراعات، والآن وبعد تبدّل الإدارة الأمريكية اكتشفت الميليشيات الكردية أن سياسات إدارة أوباما قد تنقلب جذرياً خصوصا مع بروز مؤشرين، الأول هو إظهار ترامب تقاربه السياسي مع المقاربة الروسية لحل الأزمة السورية، والثاني إعلان ترامب أنه سيولي اهتمامه للتعامل والتعاون مع الأنظمة الوطنية في الشرق الأوسط، ورفضه لفكرة التقسيم بقوله (لن نكون خالقي أمم)".
وتابع الركاد "من هنا نقول أنه لم يعد هناك مجال واسع لمناورة حزب الاتحاد الديمقراطي سياسياً، و لا حتى للعب على حبل التناقضات والصراعات الدولية والإقليمية، وبدا كل سلوكه السابق مقامرة خطرة على مبدأ (لنجرّب)".
من هذه التفاعلات الإقليمية الجديدة، وبروز روسيا كلاعب أول في القضية السورية، ومع دخول تركيا بشكل اللاعب الثاني، يبدو أن السيطرة على مدينة الرقة هي محل تفاهم الأطراف الفاعلة "روسيا وتركيا وأمريكا"، حيث ستواجه الميليشيات الكردية في هذه التفاهمات خطر نسف كل ما بذلته من جهود في الفترة الماضية، وستكون "روج آفا" ربما حلماً صعب المنال.
ونقلت وسائل إعلامية مؤخراً تسريبات، بطلب قوات "قسد" من واشنطن إقناع تركيا بتخليها عن مطالبها بخروج مقاتلي قسد إلى غرب الفرات، مقابل السماح لتركيا بخوض معركة الرقة إلى جانب "قسد"، وهذا ما أكدته تصريحات المتحدث الإعلامي باسم "قوات سوريا الديمقراطية" طلال سلو الخميس الماضي، حينما نفى أن تكون "قسد" مرتبطة بحزب العمال الكردستاني المدرج على قائمة المنظمات الإرهابية في أوروبا وتركيا والولايات المتحدة.
وقال سلو في بيان مصور "لا علاقة بين قوات سوريا الديمقراطية وبين حزب العمال الكردستاني"، الأمر الذي ترفضه تركيا وتعلن على الدوام تبعية الوحدات الكردية لحزب العمال الكردستاني.
وأضاف سلو: "إننا نتطلع لبناء علاقات متينة مع جميع دول الجوار، بما فيها الدولة التركية"، وأكد المتحدث باسم قسد لوسائل إعلامية: "اتهامنا من الجانب التركي بقيامنا بالتبعية لـ(حزب العمال الكردستاني)، هو سبب فشل الوساطة الأمريكية بيننا فيما مضى، لكن وبعد بيان قواتنا بعدم ارتباطنا بالحزب المذكور، صارت الكرة الآن في الملعب التركي".
من جهتها، ردت الحكومة التركية يوم الخميس الماضي، عبر المتحدث باسمها "إبراهيم قالن"، على البيان المذكور آنفاً، بعد أن نشرت القيادة المركزية للجيش الأمريكي هذا البيان على تويتر، ليرد "قالن" بتغريدة له قائلاً: "هل فقدت القيادة المركزية لعمليات المنطقة الوسطى للجيش الأمريكي عقلها، هل تظنون أنّ أحدًا سيصدّق ما ورد في هذا البيان؟".