بلدي نيوز-(خالد وليد)
أعلنت اليوم الصفحة الرسمية لقناة حميميم أن الروس جربوا في سوريا أحدث طائراتهم على الأطلاق، في سابقة ليس لها مثيل أو مبرر، فقد ورد في الصفحة منشور مرتبط بفيديو حول الطائرة T-50 التي تعتبر أحدث طائرة تصنعها روسيا والتي ما تزال في مراحل التطوير و لم تكتمل ما يلي " المقاتلة الروسية سوخوي T-50 ذات القدرات القتالية المذهلة في استعراض جوي مذهل لها , وهي تعتبر من مقاتلات الجيل الخامس وتدعى بالروسية " Перспективный Авиационный Комплекс Фронтовой Авиации ، يتم الآن تطويرها حيث ستحل محل الطائرات ميج 29 وطائرات سو-27, وفي المقارنة العالمية فهي تعتبر منافسة للمقاتلة الامريكية F22 ولكنها أثبتت تفوقها على منافستها الأمريكية بجدارة بعدة نقاط".
قد يكون هذا الاعلان ليس ذي أهمية لدى الكثيرين، لكنه في الواقع يكشف الوضع الحقيقي للروس في سوريا، والذين يحاولون الاستفادة من الوضع في سوريا للحد الأقصى، وتجربة كل ما يملكون فيها، ما يؤكد أن موضوع انسحابهم أو حتى تخفيض قواتهم في سوريا هو مجرد لعبة إعلامية سياسية كبيرة، الهدف منها كسب النقاط والإيحاء كما حدث المرة الماضية أنهم انتصروا، وأنهم الآن ليسوا بحاجة لوجود الكثير من القوات في المنطقة.
الانسحاب الثاني!
من المثير للسخرية إعلان روسيا عن خفض قواتها في سوريا خلال هذه المرحلة، فهي التي تسعى للسيطرة على كل ما تستطيع، وتسعى للوصول إلى المياه الدافئة التي أرسلت إليها أعز ما تملك من القطع البحرية ونخبة قواتها، ووقعت من النظام عقداً مدته لا تقل عن خمسين عاما للبقاء في سوريا، والسيطرة على قاعدة حميميم الجوية، وغيرها من القواعد التي أظهرت الأمطار الأخيرة نشرها لصواريخ بالستية متطورة، قد تكون مسلحة برؤوس نووية فيها.
فمن ينشر طائراته الشبحية وصواريخه النووية في منطقة ما، لا يبدو أنه سيغادرها بتلك السهولة التي يتحدث عنها الروس، بل قد يضطره الأمر للقتال لسنوات للحفاظ على ما حققه في سوريا خلال عام من الغزو الدامي.
فهذه ليست أول مرة تعلن روسيا عن انسحابها من سوريا، بل سبقها إعلان أخر، بعد أن حققت حسب زعمها "الانتصار"، ولم يعد هناك حاجة للقوات الروسية في سوريا، لنتفاجأ بعد أشهر أن حميميم أصبح رسميا أرضا روسية بعلامات الحدود الروسية!، وتضاعف عدد الطائرات القاذفة التي يستخدمها الروس وبروز قواتهم البرية كقوة جديدة في ساحة المعركة في سوريا.
حرب إعلامية
روسيا تشن حملة إعلامية كبيرة وشرسة، تستهدف إقناع السوريين تحديداً أنها بدأت تنسحب، بهدف إقناعهم أنها بدأت بالخروج من المشهد، وأن إيران هي المتصدر له وأنها هي العدو الأول.
يمكن كذلك تعليل الاعلان الروسي برغبتها بسحب حاملة طائراتها بعد أن تقول أنها انهت مهمتها، خصوصاً أنها لم تسحب طائرات هذه الحاملة، والتي أصبح مطار حميميم منطلقها لتنفيذ عمليات القصف التي تستهدف فيها المدنيين والبنية التحتية.
فلا يوجد أدلة حقيقية أن روسيا سحبت أيا من دباباتها وعرباتها المدرعة ووحداتها العسكرية المنتشرة في سوريا، أو فككت أيا من المعسكرات التي تنتشر فيها وحداتها ومرتزقتها، أو فعلاً بدأت بشحن عناصرها إلى قواعدهم الأساسية.
يمكن القول أن الاعلان هذا أيضا يأتي استرضاء لتركيا، وضغطا على إيران التي تدرك أنها لن تستطيع العمل في سوريا لوحدها، وإجبارها على القبول بالتفاوض، فهي تدرك عجزها عن الحفاظ على مكتسباتها بدون الطيران الروسي، وخصوصاً بعد ما فعله في حلب وموجة الغضب الشديدة ضدها والتي ستتحول لهجوم شرس وعنيف عليها، في حال توقف الاسناد الجوي الروسي.
من جهتها تكسب روسيا الحفاظ على مكاسبها، وإماعة حالة الكراهية الشديدة التي تواجهها، وخصوصاً أنها ستبقى في حميميم وبعض المناطق الأخرى وتحتفظ بكافة قدراتها وامتيازاتها في سوريا وشواطئ المتوسط.
بعد هذا "الانسحاب الثاني"، يبدو أن الروس سوف يزيدون من وجود قواتهم البرية في سوريا ويظهرون بشكل أكبر في المعارك المباشرة وعلى الأرض، فمع إعلان الروس عن انسحابهم يتوافد المزيد من الجنود الشيشانيين المعروفون أنهم القوة الأساسية التي يعتمد عليها الروس في معاركهم المباشرة، ففي حرب جورجيا 2008 زج الروس بنفس الفرقة الشيشانية، التي يبدو أنهم بدأوا بنشرها في سوريا (شرق-غرب)، والتي يشير نشرها لتوقعهم أنها ستدخل معارك طويلة ودامية في سوريا.