الخيارات التركية بين موسكو وحلب.. كيف تكسب القاتل والمقتول؟ - It's Over 9000!

الخيارات التركية بين موسكو وحلب.. كيف تكسب القاتل والمقتول؟

بلدي نيوز – (منى علي)

عكست التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأتراك، لهجة مغايرة إلى حد كبير لتصريحات سابقة في الملف السوري، كما أن تعثر "درع الفرات" وتوقفها منذ أكثر من أسبوعين على مشارف "الباب"، والتراجع الكبير للثوار في حلب الشرقية، مع غياب دعم تركي عسكري أو سياسي قوي –كان متوقعاً أو مأمولاً-، كل هذا فتح الباب واسعاً أمام التساؤلات عن الموقف التركي ومدى تأثره بالمستويات الجديدة من العلاقات التركية – الروسية التي وصلت حد العلاقات والشراكات الإستراتيجية في مجالات شتى.

فمن موسكو التي زارها يوم أمس، أكّد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أنّ عملية "درع الفرات" الجارية في شمال سوريا، "لا ترتبط بما يدور من أحداث في مركز مدينة حلب، ولا علاقة لها بعملية تغيير النظام هناك"، وجدد التأكيد على أن الهدف الرئيسي من العملية هو إنهاء وجود التنظيمات الإرهابية في المنطقة وعلى رأسها تنظيم "الدولة"، مخالفاً بذلك تصريحات سابقة للرئيس التركي قال فيها إن عملية "درع الفرات" موجهة ضد النظام السوري ورئيسه بشار الأسد.

وبخصوص مصير رأس النظام بشار الأسد، التي كانت تركيا لا تساوم على رفض الاعتراف بشرعيته وضرورة تنحيه عن الحكم، قال يلدريم من موسكو: "علينا أن نرتب أولوياتنا في هذا الشأن، فهل مصير الأسد مهم؟ أم مصير الدولة السورية؟، بلا شك فإنّ مصير الشعب السوري أهم من مصير الأسد".

وفي وقت سابق من الشهر الفائت أشار وزير الدفاع التركي فكري إيشيق، إلى "وجود رؤى عند الروس والأمريكيين بشأن مدينة الباب"، الخاضعة لسيطرة تنظيم "الدولة". ولفت "إيشيق" إلى وجود رؤى ليس عند الجانب التركي فحسب، بل عند الروس والأمريكيين حول مدينة الباب، قائلاً "نسعى بقدر الإمكان أن نبحث هذه المسألة عبر التواصل، وعلى طاولة المباحثات"، ما يشي بأن هناك عقبات روسية أمريكية تقف أمام تقدم فصائل الجيش الحر المدعومة تركياً صوب "الباب" و"منبج" من بعدها كما هو مخطط ومرسوم وفق الرؤية التركية للمنطقة الآمنة، ومنذ ذلك الحين لم تصدر تصريحات تركية بخصوص تعثر "درع الفرات" إلا اليوم، حين قال بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية، إن "تنظيم داعش يستخدم المدنيين دروعا بشرية في مدينة الباب شمالي سوريا، وهو ما يجعل عملية درع الفرات، تسير بشكل أبطأ من المخطط له".

السياسي والصحفي السوري "عمر إدلبي" قرأ تصريحات رئيس الوزراء التركي الأخيرة ورأى أنه "بات واضحاً أن اهتمامات الحكومة التركية بالملف السوري تبتعد حاليا وبشكل كبير عن اهتماماتنا كثوار سوريين؛ والمسؤولون الأتراك لا يخفون هذا الافتراق بالاهتمامات؛ فتصريحات يلدريم لا تترك مجالا للشك أن الدولة التركية تعمل على تحقيق مصالحها دون النظر إلى انعكاس ذلك على مصلحة الثورة السورية ودون مراعاة المخاطر المحدقة بها".

وعن عملية "درع الفرات" والجدل القديم المتجدد حولها، قال "إدلبي" لبلدي نيوز: "قول يلدريم إن عملية درع الفرات لا ترتبط بالوضع في حلب هو قول تخالفه الوقائع وتدحضه النتائج؛ فجبهات الثوار في مدينة حلب عانت من نقص في العنصر البشري؛ ونحن هنا لا نذيع سراً، والسبب الأساس في هذا النقص هو اضطرار فصائل الثوار لسحب عدد كبير من عناصرها من جبهات مدينة حلب وإرسالهم للمشاركة في معارك عملية درع الفرات".
مستدركاً: "نحن نعتقد كما الأتراك أن عملية درع الفرات في غاية الأهمية؛ وهي مطلب للثورة ولمستقبل سوريا قبل أن تكون مطلبا تركياً؛ ولكن خلافنا مع الأتراك كان على توقيتها؛ لأن كل المعطيات كانت تؤكد أن الأسد بدعم منقطع النظير من حلفائه الروس والإيرانيين يستعد لعملية واسعة ضد الثوار في مدينة حلب".

السياسة التركية المبنية على أساسيات جوهرية، جعلت تركيا تتخذ مواقف ليست سهلة في سوريا والعراق، تتغير مثلها مثل غيرها –وإنْ ليس على صعيد الجوهر- بل على مستوى التكتيك، ما يجعل الاعتماد عليها كلياً أو بشكل كبير يتسم بالمغامرة، وهو ما أوضحه السياسي السوري "عمر إدلبي" بالقول: "لا نستغرب تغير الموقف التركي من الأسد؛ فالسياسة التركية براغماتية إلى أبعد الحدود؛ وشهدت خلال السنوات الماضية عدة انعطافات وتغييرات حادة لا تترك مجالا للشك أن صانع القرار التركي لا يبني مقارباته لمجمل الأزمات التي يتصدى لمعالجتها على ثوابت محددة؛ وإنما على متغيرات ذات مستويات متنوعة ومتعددة؛ في مقدمتها المستوى الأمني الداخلي؛ والاقتصادي".
ومن خلال قراءته للأحداث ومواقف الأطراف الداعمة للثورة وعلى رأسها تركيا، خلص "إدلبي" إلى نتيجة مفادها: "هذا يتطلب من قيادة المعارضة وقوى الثورة الحذر والانتباه من بناء استراتيجيات للثورة بالاعتماد على المواقف التركية التي أثبتت السنوات الماضية أنها تتسم بتكتيكات مرنة للغاية؛ بل ربما يمكن وصفها بالاضطراب والتردد".

مقالات ذات صلة

مصادر تكشف تورط الأخوة قاطرجي بقتل ثلاث أشقاء في حلب

"التنظيم" يعلن حصيلة هجماته في البادية السورية خلال أسبوع

أرقام صادمة عن تسرب الأطباء في مناطق سيطرة النظام

تمديد دخول المساعدات الإنسانية من معبري باب السلامة والراعي لثلاثة أشهر

ميليشيا عراقية تتوعد بالرد على إسرائيل إثر استهداف مقرها بدمشق

الدفاع المدني يطلق مشروع ترميم 15 منشأة طبية شمال غرب سوريا