بلدي نيوز – (خالد وليد)
يبدو أن معركة حلب معركة مصيرية بالنسبة لإيران وروسيا والنظام أكثر بكثير منها للثوار، فالنظام ومن خلفه إيران وروسيا يقاتلون وهم يدركون أن حلب مدينة لها خصوصيتها العسكرية والاستراتيجية، ويريدون أن يقنعوا السوريين والعالم أن دخولهم إليها يعني أنهم قضوا على الثورة في سوريا، وأنهم انتصروا وأنهوا أي شكل من أشكال الثورة ضد للنظام.
لذلك وعلى نفس إيقاع حملتهم العسكرية على المدينة، يوجد حملة إعلامية وحرب نفسية شاملة، تستهدف زرع فكرتين أساسيتين في عقول السوريين والشعوب في الشرق الأوسط، أولى الفكرتين أن معركة حلب هي أخر معركة في سوريا، والفكرة الثانية أن روسيا والنظام وحلفائهم هم الحاكم الحقيقي لسوريا، وأن إرادتهم هي التي تنفذ، وأن سقوط المدينة وباقي أجزاء سوريا هو مجرد عمل يحدث ضمن جدول زمني ضبطوه بدقة، وأن الأمور تجري لصالحهم بشكل كامل وكل العوائق التي تواجههم يحلونها من تحت الطاولة، عبر المفاوضات، أو عبر قنابل طائراتهم من فوق الطاولة.
حقيقة ما يحدث في سوريا وفي حلب خصوصاً، مختلفة تماماً عن فيض الدعاية والحرب النفسية الروسية-الغربية، والتي تشارك فيها بدون وعي العديد من المؤسسات الإعلامية الثورية، والتي لم تتوقف منذ بداية معركة حلب عن نشر مواد ومواضيع من نمط "ماذا سيحدث في سوريا بعد انتصار الأسد"، بدون أن تدرك تلك المؤسسات أن الأسد سيضطر للقتال لعدة أعوام أخرى على الأقل، للوصول إلى السيطرة على الأجزاء التي ما يزال يسيطر عليها الثوار وتنظيم الدولة، والتي تبلغ مساحتها عدة أضعاف ما يسيطر عليه، عدا عن المناطق التي لن يستطيع الدخول إليها، والتي تقع تحت سيطرة الميليشيات الكردية، والمناطق التي حررها الثوار بدعم تركي خلال عملية درع الفرات.
الترويج للنصر "المؤزر" للنظام في حلب ثم باقي سوريا، يفتقد لأبجديات التحليل السليم للتطورات والأحداث، فأكبر مثال على تعاسة تلك التحليلات هو الهجوم المضاد الذي شنه الثوار داخل حلب، والذي استعادوا بموجبه مناطق واسعة، وكسر النظام في أكثر من منطقة، وأي تغير للظروف الجوية يوقف عمل الطيران يعني أن النظام لن يتلقى أي دعم جوي، ما يعني أنه سوف يطيل المعركة كثيرا.
فالنظام فشل في السيطرة على الكثير من المناطق المحاصرة بشكل مشابه، فداريا وأخواتها مثال على ذلك لا يجب نسيانه، خصوصاً مع معرفة المدافعين أن خياراتهم محدودة، وهي ليست بمستوى رفاهية خيارات المدن المحاصرة الأخرى، التي توصلت لهدن ثم اتفاقيات إخلاء مع النظام.
خناصر-أثريا
الوضع الميداني في حلب يمكن أن يتحول لصالح الثوار مع تنفيذ عدة أمور، أولها قطع طريق خناصر أثريا، الذي يعتبر شريان حياة النظام، والذي لا يعرف حقيقة لماذا يسمح الثوار للنظام لحد اللحظة باستخدامه، على الرغم من معرفتهم لأهميته، فهو سيقطع طريق الامدادات على النظام عسكرياً، ويجبره على استخدام طائرات النقل المختلفة، التي يمكن أن تتول مدارجها إلى أهداف للمدفعية والراجمات، ما يعني أن الثوار يستطيعون حرفيا خنق النظام عسكريا في حلب، ومع ذلك لا يوجد أي بوادر لذلك.
الحصار في حال فرض على النظام فسيكون له تأثير ضخم خاصة مع أعداد الموالين الكبيرة في مناطقه، والذين سيسببون ضغطا كبيراً عليه، ما يعني أنه سوف يضطر لدفع نسبة من قواته لفتح الطريق، الأمر الذي يستطيع الثوار خارج حلب استخدامه لكسر الحصار.
إضافة لشن عمليات واسعة النطاق من خارج حلب، تهدف لإجبار النظام على سحب عناصره من خطوط القتال مع الثوار، نحو الخارج ما يعني تخفيف حجم القصف وحجم قوات النظام على خطوط القتال داخل المدينة، الأمر الذي يمكّن الثوار شن هجمات مضادة كبيرة، تسمح لهم باستعادة السيطرة على العديد من المناطق وصولا إلى استعادة شرقي حلب بالكامل، ثم كسر الحصار عن حلب بالكامل.
يمكن للثوار الانتصار في حلب عبر التعاون الكامل بين ثوار حلب وريفها وثوار حماة وحمص، عبر قطع طريق خناصر ومنع هبوط طائرات الإمدادات، بالتزامن مع عملية عسكرية واسعة على كامل خطوط الجبهة في محيط حلب، إضافة لعمليات هجوم داخل المدينة على النظام، باستهداف مناطق محورية تسمح للثوار بتشتيت النظام في حلب، وتحطيم قوته فيها تمهيدا لاستعادة حلب الشرقية ثم كسر الحصار عن المدينة وتحريرها.