كلنا شركاء في ذبح حلب! - It's Over 9000!

كلنا شركاء في ذبح حلب!

فورين بوليسي- (ترجمة بلدي نيوز)

في حين أن فلاديمير بوتين وبشار الأسد مُدانان بارتكابهم لمجازر ضد الآلاف من المدنيين، فإن بقية العالم مذنب بعدم القيام بأي شيء، بكونه ليس سوى مجرد متفرّج متنحّي ومكتوف الأيدي.

"إن لم تُقوموا بإخلاء هذه المناطق على أسرع وجه، فستُبادون... أنتم تعلمون حق المعرفة بأن الجميع قد تخلوا عنكم، وتركوكم وحدكم في مواجهة الموت المُحدق، لن يقدم أحد أي مساعدة لكم"، إن هذه الكلمات التي تقشعر لها الأبدان كُتِبَت في المنشورات التي أُسقطت على المنطقة المحاصرة في حلب من قبل طائرات النظام السوري والروسي، قبل هجومهم الدموي النهائي على المدينة، وخلال الأيام القليلة الماضية أثبتت هذه العبارات للأسف مسعاها الدموي في المدينة، بشكل لم يتجرّأ أحد على تخيّله.

ولكن التحذيرات لطالما كانت هناك، وليس فقط على شكل منشورات، فبعد خمس سنوات من الحرب الدامية، لا يستطيع العالم أن يدّعي بأنّه افتقر في يوم ما إلى المعلومات الواضحة حول حاجة السوريين الماسّة، أو فرص الرد على ما يحدث بهم.

لقد بات شرق مدينة حلب الآن مركزاً للصراع السوري، مُجبراً على تحمّل موجة بعد موجة من القصف الشرس الذي يهدد بتحويل المدينة إلى كومة من الخرسانة المحطمة والركام، ومع شنّ آخر دفعة من القوات الموالية لنظام الأسد لهجومهم بغرض السيطرة على المنطقة، تحول الصراع ليصبح أكثر مرارة ودموية من أي وقت مضى، وفي غضون أيام استولت القوات الداعمة للأسد على مناطق جديدة في شرق مدينة حلب والتي كانت قد حُرِّرَت من قبل المعارضة المسلحة في السابق، بما في ذلك مناطق جبل بدرو ومساكن هنانو، حيث تعيش 100 أسرة على الأقل، منذ 25 من نوفمبر أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن 25،000 مدنيّ قد فروا من تلك المناطق المحاصرة.

لقد تخلى بعض السكان المحاصرين في المنطقة عن كل الآمال باتخاذ أي إجراءات دولية حقيقية لوقف معاناتهم، "لا يوجد من مكان للهرب أو الاختِباء" قال أحد السكان - نزار، وذلك قبل أحدث هجوم، تحسّباً لهجوم متجدد للاستيلاء على المدينة، بينما قالت مقيمة أخرى -أم محمد- بأنّها باتت تشعر بأن الأمر بات مجرد مسألة وقت "قبل أن يُطلَقَ العنان لجحيم آخر".

بالاستخفاف الشديد بأرواح المدنيين والقانون الإنساني الدولي، قامت قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها وحلفاؤها الروس باستخدام القوة النارية الهائلة لإلحاق المعاناة الإنسانية القصوى بالمدنيّين، وتدمير البنى التحتية للمدينة، وفرض حصار التجويع الخانق على المنطقة بأسرها، كما استهدفت المباني السكنية المُكتظّة والمستشفيات والعيادات الطبية، والمدارس مراراً وتكراراً في تلك الهجمات غير المشروعة، في حين استخدمت القوات المهاجمة القنابل البرميلية والذخائر العنقودية المحظورة دولياً في كثير من الحالات بما يصل إلى جرائم حرب، إن التهديد من هجمات جوية مكثفة أجبر سكان حلب على انتزاع فرص وجودهم في الملاجئ المكتظة تحت الأرض.
لقد استهدفت العشرات من المستشفيات في حلب خلال العام الماضي، وكان آخرها مستشفى الأطفال الأخير في حي الشعار في الأسبوع الماضي، في شهر آذار/مارس وثّقت منظمة العفو الدولية كيف تم استهداف المرافق الطبية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب كجزء من استراتيجية عسكرية منهجية لإفراغ المناطِق من السكان من أجل تسهيل عملية الغزو البرّي.
وفي حين تدفّق الآلاف من المدنيين من شرق حلب، فإن الكثير منهم باتوا الآن يعيشون في حالة ذعر من الاعتقال التعسفي والتعذيب، أو الاختفاء القسري على أيدي قوات النظام، (هذه الممارسات التي تفنّن بها النظام لعقود ضد أي من معارضيه) بينما فرّ نحو 8000 مدني إلى المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد -الشيخ مقصود- وذلك لأنهم خائفون من الفرار إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، خشية الأعمال الانتقامية ضدهم.

وفي مواجهة الدمار والمعاناة على هذا النطاق الواسع، فإن العالم لا يزال يملك الفرص، ولكنه ولمرة أخرى يفشل في مساعدة المدنيين في شرق حلب، إن هذا رمز لعجز المجتمع الدولي، والذي فشل مراراً وتكراراً بفعل أي شيء لوقف الإساءات المتفشيّة وانتهاكات القانون الدولي، في الوقت الذي تفاقمت فيه الكارثة السورية على مدى السنوات الخمس الماضية.
لقد بات مجلس أمن الأمم المتحدة كرهينة على يد روسيا، والتي استخدمت مراراً حقّ النقض لحماية النظام الدموي السوري، فخلال السنوات الخمس الماضية كانت موسكو قد اعترضت على خمسة قرارات سعت لإنهاء بعض الانتهاكات المروعة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة بإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية، في الشهر الماضي اعترضت موسكو على قرار يهدف لإنهاء الغارات الجوية على المدنيين وسفك الدماء المتفشّي في حلب.

وطالب مجلس الأمن الدولي بقراريه رقم 2139 و2165، والذين حصلوا على التوافق في نهاية المطاف للوصول غير المُقيّد للإغاثة الإنسانية، ورفع الحصار على المدينة، ووضع حدّ للهجمات على المدنيين، والتعذيب، والاختفاء القسري، ومع ذلك فقد تم الاستخفاف بتلك القرارات وبشكل يومي من قبل نظام الأسد وذلك دون أي عواقب على الجناة، وعندما لم يمتثل نظام الأسد بتلك القرارات، كان التهديد باستخدام حق النقض الروسي يكفي لشلّ مجلس الأمن ومنعه من فرض أي عقوبات تستهدف مسؤولي النظام السوري لعدم امتثالهم للقرارين المتفق عليهما.
كما أعرب مسؤولو الأمم المتحدة وزعماء العالم عن صدمتهم الكبرى وغضبهم من استمرار إراقة الدماء في حلب، ولكن أهل حلب في حاجة ماسّة إلى أكثر من صيغ الإدانة والسّخط.

ولدعم أي فرصة حقيقية لإنهاء ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية في سوريا، فإن هناك حاجة شديدة إلى تدابير صارمة وملموسة، كالعقوبات التي تستهدف المسؤولين الذين أمروا بشن تلك الهجمات غير المشروعة، وحظر الأسلحة الشامل لوقف تدفّق الأسلحة إلى النظام السوري، وبذل كل الجهود لإحالة مرتكبي جرائم الحرب إلى العدالة.

إن القرار الحقيقي لمجلس الأمن بإحالة الوضع في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية من شأنه على أقل تقدير أن يشير إلى أن مرتكبي الفظائع في سوريا لن يمروا دون عقاب، في حين أن غياب مثل هذه الخطوات سيجعل من هذه الفظائع مستمرة في الانتشار وليس فقط في سوريا، ولكن في جميع أنحاء العالم.

إن الخيانة القاسية للمدنيين في شرق حلب ستبقى وصمة عار على ضمير العالم لسنوات قادمة، لا شيء يمكنه أن يُعوّض عن تلك الإخفاقات التي أدت إلى التقاعس العالمي عن هذه الكارثة البشرية، ولكن فإن أقل ما يمكننا القيام به هو محاولة ضمان عدم السماح لتلك للفظائع التي تكبدوها للحدوث مرة أخرى.


*ديانا سمعان باحثة وناشطة سورية في منظمة العفو الدولية.

مقالات ذات صلة

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

تعيين مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع في الحكومة السورية الجديدة

//