بلدي نيوز – (نور مارتيني)
لم يأل النظام السوري جهداً في سبيل تفتيت مكونات الشعب السوري، والزج بها في أتون حرب لا تبقي ولا تذر، ولطالما دأب عبر وسائل الإعلام التابعة له مباشرة، أو تلك التي تعود لحلفائه على التخويف من سيناريوها "الصوملة" و"العرقنة" أو "الأفغنة"، في سعي منه لتضليل الرأي العام، وللوصول إلى النتيجة التي أطلقها رأس النظام "بشار الأسد" في ظهوره الإعلامي الأخير والذي اعتبر فيه أن كثيراً من معارضيه اكتشفوا أن نظامه هو "أهون الشرّين"، وأن خصومه لم يقدّموا بديلاً أفضل، وفق ما زعمه في مقابلته الصحفية الأخيرة.
من هذا المنطلق، راحت تتشكل ميليشيات موالية للنظام، مهمتها الدفاع عنه وعن مصالحه، غير أنها كانت في الغالب من أبناء الساحل السوري، والذين هم في الواقع معروفون منذ ثمانينيات القرن الماضي باسم "الشبيحة"، وبالتالي فهذه الظاهرة ليست حديثة العهد في سوريا، وكذلك ميليشيات أخرى من أبناء الطائفة الشيعية، ممن استقدمتهم إيران من العراق وباكستان وإيران نفسها، وأفغانستان، فضلاً عن التواجد المكثف لحزب الله في سوريا.
إلى ذلك تم الكشف في العام الماضي عن وجود فصائل مسيحية سريانية، تقاتل إلى جانب نظام الأسد، وأن بين منتسبيها نسوة أوربيات، وتدعى "قوات حماية نساء بيث نهرين".
ولكن لم يثبت أن الطائفة الدرزية قد انخرطت في القتال إلى جانب الأسد، بل إن محافظة السويداء، كانت من المدن التي سارعت إلى الانضمام إلى الحراك السلمي في البدايات، وكانت هنالك فعاليات مهمة من اعتصامات وبيانات أصدرت من قبل مثقفي السويداء ومحاميها، ولكن النظام كعادته سعى إلى وقف هذا الحراك بكافة الطرق الدموية، فكان نصيب المحافظة من المعتقلين والشهداء تحت التعذيب كبير جدا، كما أن كتيبة درزية أسسها الضابط الدرزي المنشق "خلدون زين الدين" حملت اسم سلطان باشا الأطرش في جبل حوران وأصدر مؤسسها بياناً يدعو فيه أبناء طائفته للالتحاق في صفوف الثورة ليبدأ أولى عملياته العسكرية ضد قوات النظام بالمشاركة مع أبناء محافظة درعا، وما لبثت كتيبته تزداد أعداداً من أبناء محافظة السويداء حتى نفّذَ عملية عسكرية في مطار الثعلة العسكري التابع لمحافظة السويداء، حيث أوقع في صفوف النظام خسائر بشرية ومادية.
ومع تزايد الضغوطات من قبل النظام ووفاة الشيخ "أحمد الهجري" زعيم طائفة الدروز الموحدين في حادث سير غامض، خبت جذوة الحراك الثوري، ولكن المدينة كانت ملجأ للنازحين من شتى المدن سورية، فضلاً عن إحجام أهالي السويداء في إرسال أبنائهم للخدمة الإلزامية، وهو ما حاول النظام الالتفاف عليه، خاصة مع تخويفهم بتواجد "داعش" و"جبهة النصرة في محيط السويداء.
غير أن تطوراً جديداً بدأ يلوح في الأفق، بعد الاستعراض العسكري الذي قامت به "سرايا التوحيد" التي أسسها النائب اللبناني "وئام وهاب"، حيث أقيم العرض شبه العسكري –منزوع السلاح– بتدريبات عسكرية وكشفية، على أنغام أغنية "نحنا جيشك يا وهاب" والتي وصفها وهاب بأنها "ليست تخريبية، بل هي الآتي والجارف نحو غد أفضل لنا ولجبلنا".
حول رؤيته لحجم الدعم الذي يمكن أن تتلقاه خطوة من هذا النوع، يقول الصحفي السوري "وهب القاسم" وهو من أبناء محافظة السويداء "وهاب فشل بمشروعه قبل البدء فيه لأنه لا يملك أي مقومات النجاح إن شعبيا أو سياسيا أو حتى دينيا"، موضحاً أن "وئام وهاب يعمل مع النظام، وهو رجل سلطة"، وأنه "ومن المؤكد أنها آخر محاولات النظام لجر الدروز للخدمة الإلزامية بعد أن قاطعها الجميع دون استثناء".
ولفت "القاسم" أن "وئام وهاب الآن يحاول تعويض نفسه عن طريق النظام، بعد أن سحب جنبلاط البساط من تحت قدميه في لبنان وأخرجه من العمل السياسي".
وفيما إذا كان وجود تنظيم "الدولة" في محيط المدينة هو مصدر شرعية لتنظيم "وهاب الجديد"، يوضح الصحفي السوري "وهب القاسم" أن تنظيم الدولة عميل للمخابرات، ولم تعد هذه الكذبة تنطلي على أهالي السويداء، فبرميل واحد كفيل بإبادة داعش ومن معها، لكنه البعبع الذي يستخدمونه كفزاعة"، ويشدّد على أن "الجميع بات على يقين أنها حركات مخابراتية، ورغم ذلك فهم يعجزون عن التصرف".
ويرى الصحفي أن سرايا وهاب ما هي إلا مجرد محاولة يائسة لجر الجبل للانخراط في العمل العسكري إلى جانب النظام، ويبدو واضحاً أن "وئام وهاب" هو الحلقة الأضعف، أولاً بسبب موقف الزعيم السياسي "وليد جنبلاط " الواضح وبالتالي رفع الغطاء عنه سياسيا.. وثانيا بسبب الحراك الشعبي الرافض لمواقف شيوخ الطائفة الجدد المعينين من قبل النظام بعد اغتيال شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز "الهجري"، وفق ما قاله القاسم.