بلدي نيوز – (متابعات)
لجأت المواطنة السورية هناء القصيباتي وعائلتها إلى السويد، ثم رحلت إلى ألمانيا، حيث واجهت تحديات كثيرة، إلا أنها نجحت في تأسيس مشروع لبيع الشالات الشرقية وسجادات الصلاة وغيرها من البضائع عبر موقع فيسبوك.
وبدأ أفراد الأسرة في الهجرة خارج البلاد، ولكن عندما حصلوا على تأشيرة للرحيل إلى ألمانيا، توجهوا، بدل ذلك، إلى السويد لطلب اللجوء هناك.
وأوضحت هناء القصيباتي ، أن ظروف طلب اللجوء في السويد جيدة، فقد حصلت الأسرة على سكن مستقل فور وصولها، لكن سرعان ما تبدد حلم العائلة.. فقد تم رفض طلب لجوئها في السويد، تقول قصيباتي "بالرغم من ذلك قررنا البقاء هناك لمدة ستة أشهر.. ثم عدنا إلى ألمانيا لنبدأ مشوار اللجوء من الصفر"، حسب موقع دويتشيه فيله الألماني.
وأضافت أن العائلة واجهتها صعوبات في ألمانيا، قائلة "أمضينا شهرين ونصف في الانتقال بين عدة مراكز لجوء، اختلطت فيها الاجناس والشراح المجتمعية، وكانت نفسيتنا سيئة للغاية"، وتسترجع هناء تلك الذكريات المؤلمة، فتنهمر باكية وتقول "كنا نعيش هنا بأجسادنا فقط، وعقولنا مع عائلاتنا بسوريا، حيث هدمت منازلهم".
بعد قبول طلب لجوئهم بألمانيا وحصول زوج هناء على عمل استطاع من خلاله الاستغناء عن المساعدات المقدمة من الدولة بشكل كامل، انتقلت العائلة للعيش بسكن مستقل بمدينة ميونخ، والبدء في مواجهة تحديات أخرى للاندماج بالمجتمع الجديد.
مواجهة الفراغ
في سوريا لم يكن لهناء وظيفة معينة، فقد كانت تهتم ببيتها وبمتابعة دراسة أبنائها، لكن بسبب افتقادها لمحيطها الاجتماعي الذي اعتادت عليه، فقد فكرت في خلق محيط اجتماعي جديد، تقول هناء "أنا بطبيعتي إنسانة اجتماعية، ولا أستطيع الجلوس في البيت بدون عمل أو مزاولة أي نشاط، لم أكن حقا أعمل في سوريا، ولكن كنت أزور أصدقائي وأهلي".
فكرت هناء في عمل يكون مناسب لها وملئ الفراغ الذي كانت تحس به، وبعد بحث طويل قررت العمل في التجارة الإلكترونية، في بيع الشالات الشرقية والحجابات ومستلزمات مرتبطة بالصلاة.
وعن فكرة مشروعها، تقول هناء "بصراحة كانت لدي أفكار كثيرة، ولكن أحسست أن هناك نقصا بهذا المجال، فهناك محلات بيع للحجاب والأوشحة ولكن هناك نساء، منهن السوريات، تعودن على نوعية معينة من الأقمشة والألوان والجودة ،ولا يجدن ذلك إلا بصعوبة. خاصة الملابس الخاصة بالصلاة. وقد وجدت الأوشحة الشرقية اهتماما كبيرا لدى الألمانيات أيضا، لأنهن يملن إلى الحس الشرقي والمشغولات اليدوية".
التسويق بالانترنت
في البداية لم تكن لدى هناء أدنى فكرة عن التجارة الإلكترونية، أي البيع من خلال استخدام شبكة الانترنيت. وكانت لها فرصة الحديث مع أحد التجار من سوريا فأخبرته بفكرة مشروعها، وأضافت "كنت زبونة لدى هذا التاجر، وهو يمتلك محلا مشهورا بجودة منتوجاته في دمشق، في بادئ الأمر اتصلت به لأشتري لنفسي وأخبرته عن فكرة المشروع، فشجعني وقدم لي الدعم".
وعن المعاملات التجارية في ظل الحرب الدائرة بسوريا، قالت هناء "لم تكن للتاجر مشاكل مع الجمارك وشحن البضاعة، لأنه بعد الحرب تم فتح عدة فروع خارج سوريا مثل جدة والرياض ومصر والأردن "عندما تواجهنا صعوبة في شحن البضاعة من سوريا إلى ألمانيا، يقوم التاجر بتزويدي بالبضاعة من أحد تلك الفروع".
وحرصت هناء على استدراج مشروعها بشكل قانوني في ألمانيا، لذلك كانت تسأل الأصدقاء من بين العرب والألمان عن الإجراءات القانونية اللازم اتخاذها.
ولم تتوقع هناء أن يلقى مشروعها مثل هذا النجاح، ليس فقط بسبب حداثته في المعاملات التجارية، وإنما أيضا بسبب غياب ثقافة التسوق عبر الإنترنيت لدى العديد من الزبونات السوريات.
رائحة الشام
وعن طريق صفحة مشروعها على فيسبوك والتي اختارت لها هناء اسم "حجابي أناقتي"، تعرفت اللاجئة السورية على نساء سوريات، يقمن في ألمانيا وأوروبا، حيث إنهن معجبات بمشروعها وبما يقتنونه منها.
إحدى الزبونات السوريات كتبت لهناء ملاحظة "عندما فتحت طقم ملابس الصلاة، فاحت منه رائحة الشام، وتذكرت أهلي وأحبائي هناك".
وتشير هناء إلى أنه بالفعل قد تكون بعض الملابس أحياناً معطرة برائحة الصابون الشامي: "كان الموقف مؤثراً للغاية وبكيت حينها".
ومن بين زبونات هناء، سيدات ألمانيات من محيطها الاجتماعي، ساعدنها في تطبيق مشروعها وأعجبن كثيراً بالمنتوجات السورية والتطريز اليدوي. ومن بينهن السيدة فالتغاود هازه، وهي مديرة مؤسسة أزول بلوس، التي انشأت مؤخراً بمدينة ميونيخ لدعم اللاجئين وإدماجهم في المجتمع الألماني وفي سوق العمل.
دعم الزوج
وتؤكد هناء بدورها على أهمية دور زوجها في العمل على تشجيع مشروعها وإنشائه، وتقول "كان زوجي الداعم الأول لمشروعي ولأغلب أفكاري، كنا نحاول دائما معاً معرفة السلبيات والايجابيات، حيث كنا نعلم أن المردودية ستكون ضعيفة في البداية، ولكن كنا مطمئنين بسبب وجود دخل آخر لنا من عمل زوجي الثابت".
كما يؤكد الزوج السيد موفق المفتي أن زوجته كانت في حاجة لمثل هذا المشروع لملء فراغها وتكوين صداقات داخل المجتمع الألماني، ويقول "ساعدت هناء من خلال مرافقتي لمشروعها خطوة بخطوة، حيث كان المشروع جديدا بالنسبة لنا جميعاً، وقد تعرفنا أيضا سوياً على كل ما تطلبه القوانين من إجراءات لإنشاء هذا المشروع".