ما الجديد الذي سيضيفه "ترامب" للسياسة الخارجية الأمريكية؟ - It's Over 9000!

ما الجديد الذي سيضيفه "ترامب" للسياسة الخارجية الأمريكية؟

بلدي نيوز - (عمر الحسن)
فاز "دونالد ترامب" أخيراً في انتخابات الرئاسة الأمريكية، ليعود بذلك الحكم في أمريكا للحزب الجمهوري، الذي يتبادل مع الحزب الديموقراطي قيادة الدفة في البيت الأبيض بالتناوب، ضمن ما يشبه التوافق المنظم على كيف ومتى يحكم أحد الحزبين.
فأوباما الذي جاء لتغيير الكثير من المسلمات فيما يخص "شخص" الرئيس الأمريكي، بقبول شخص أسود من نسل شخص غير أمريكي في حكم أمريكا، إضافة لأسلوبه غير المباشر في التعاطي مع أهم المواضيع والملفات الخارجية، وسياسة الصمت والعمل في الخفاء، والتعاطي مع الوضع الدولي بأعلى أساليب الدهاء والحنكة السياسية، ومفهوم القوى الناعمة الذي يدير بواسطته العديد من القوى في المنطقة، والتي استخدمها كقوى بديلة لأمريكا لكن تدار من قبلها، وتتحمل الخسائر عنها، الأمر الذي يعد سابقة حقيقية على مستوى قدرة أمريكا على استخدام الدول الأخرى، الذي وصل حد توريط روسيا في المستنقع السوري، والخروج من المنطقة بأقل الخسائر، رغم السيطرة على جوهر الأحداث واتجاهات الصراع فيها، وصولاً إلى عودة "ترامب" الرجل الأبيض، إلى الحكم بكل ما تعنيه الكلمة من عقلية ومنهجية ورؤيا لأمريكا وعلاقتها مع العالم.
فبعد ثماني سنوات من حكم أوباما الذي تركز دوره على تصحيح أخطاء بوش الابن في عدد من المجالات، وإنعاش الاقتصاد الأمريكي، ومتابعة عملية تقسيم الشرق الأوسط التي بدأها بوش الابن، يعود ليسلم الحكم للجمهوريين من جديد.
فوز ترامب على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، كان مثاراً للكثير من التكهنات والكلام حول أسلوب تعاطيه مع المنطقة ومع العالم ككل.
فترامب الذي تجاوز كل الأعراف السياسية الأمريكية لدرجة أنه يظهر في حلبات المصارعة مع المصارعين، في أعمال لا تليق بشخص ذو طموح سياسي، يثير مخاوف جميع القوى في الساحة الدولية، بداية بأوروبا التي تخشى من تنمره عليها أولاً، وقدرته على فرض المزيد من السيطرة عليها، خصوصاً مع صعود اليمين المتطرف، والكثير من التكهنات بوصول شخصيات يمينية متطرفة إلى حكم عدد من الدول الأوروبية، ليس أولها فرنسا التي تعتبر عبر التاريخ الحديث مرتبطة ارتباطاً عضوياً بأمريكا.
الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية
ترامب المليونير والذي يعرف عنه أنه كان معداً ومقدما للعديد من البرامج المختلفة، يتعاطى مع الأمريكيين باللغة التي يفهمونها تماماً، فالناخب الأمريكي لا يهتم فعلياً لما يحدث على بعد عدة آلاف من الكيلومترات، مقارنة باهتمامه بالنظام الصحي والمعونات والضمان الاجتماعي الذي تقدمه الدولة، الأمر الذي استغله ترامب بطريقة ذكية، للاستفادة من شعبيته وخطابه الموجه للأمريكيين بهدف الفوز.
"ترامب" يعبر عن المجتمع الأمريكي، الذي استطاع دغدغة النقاط المؤثرة فيه، عبر إعلانه أنه سيكون متساهلاً في عدد من المواضيع الداخلية، التي تتعلق بالمساعدات الاجتماعية، في حين أنه يمثل شخصية "الكاوبوي" مع الدول الأخرى (بخاصة النفطية منها)، التي تمثل بالنسبة له قطار الذهب الذي لا يجب أن يمر دون أن ينهبه، وشعوبها هم الهنود الحمر الذين لا مانع في "التخلص منهم" لتوسيع مزارع الأبقار والخنازير.
فتركزت وعوده برفع الحد الأدنى للأجور، وإيقاف الهجرة، وتخفيض الضرائب على الأثرياء، وتغيير النظام الصحي، وحرية اقتناء الأسلحة، وضبط المجتمعات "غير البيضاء"، وبخاصة المجتمعات الأفريقية في أمريكا، وحديثه العنصري عن المسلمين وبخاصة اللاجئين منهم، وتحديث الجيش، وإجبار الدول الأخرى على دفع المال مقابل "الحماية"، والعديد من الأمور التي تلامس مستويين في المجتمع الأمريكي، رجال الأعمال والأمريكيين من أصل أوروبي، الذين توجه ترامب لهم بشكل أساسي، على الرغم من تغيير لهجته بحق المسلمين والأفارقة خلال حملته الانتخابية، تجنباً لتعرضه لاتهامات بالعنصرية.
ما هو تأثير وصول ترامب إلى الحكم في أمريكا؟
فوز ترامب حرّك جملة المخاوف التي ارتبطت باحتمالية وصوله للحكم في أمريكا، ما تسبب بتأثير كبير على البورصات في معظم دول العالم، وانخفاض قيمة عدد من العملات في المنطقة، بنتيجة التوقعات السوداوية حول ما سيفعله ترامب تجاه المنطقة، خصوصاً أنه تحدث بإسهاب بأسلوبه التهكمي الواضح (على عكس سلفه الديموقراطي)، عن الأمور الأساسية التي يريدها من دول الخليج خصوصاً بقوله لهم "يجب أن تدفعوا".
لكن التمحيص في إعلاناته المتتالية حول الأمور التي سيفعلها بمجرد وصوله للحكم، من متابعة الحرب على "الإرهاب"، وإعادة تلميع إيران "كعدو" لأمريكا في المنطقة، بإعلانه عن أن الاتفاق النووي هو "وصمة عار في تاريخ أمريكا"، وما إلى هنالك من التصريحات حول إيران التي اعتبر ترامب أن أوباما "قدم الكثير من التنازلات لها".

إضافة إلى عدة خطابات لترامب أكد فيها رغبته بتكوين حلف يشمل بعض الدول العربية وروسيا والناتو، بهدف محاربة "الإرهاب"، الأمر الذي يستشف منه أنه لن يكون هناك تغير حقيقي في السياسة الأمريكية في المنطقة، بل كل ما سيحدث هو تغيير لبعض التكتيكات، إضافة لميل ترامب للاعتقاد أن الديكتاتوريات في المنطقة "أكثر فاعلية" من الأنظمة الديموقراطية، الأمر الذي يوجه فيه الكثير من اللوم لكلينتون ويتهمها بموافقتها على قصف ليبيا، الأمر الذي أدى حسب زعمه لتفاقم خطر "الإرهاب"، والتقدم الكبير الذي حققه تنظيم "الدولة" في 18 بلداً حسب زعمه، ما قد يشكل انتكاسة حقيقية واحتمالية تدهور أكثر للأوضاع في المنطقة.
فترامب ليس الحاكم الوحيد لأمريكا، بل تتحدد مسؤوليته فعلياً في تنفيذ الخطط الموضوعة من قبل العديد من المصادر، ومراكز الدراسات والمكاتب المختصة المختلفة المرتبطة بالرئاسة الأمريكية.
فهو محكوم بالعديد من الأمور والقوى في محيطه، وهو غير قادر على تجاوز العديد من النقاط المختلفة التي تحدد قدراته وصلاحياته وإمكانيات عمله، وأكبر مثال على ذلك تغيير حدة لهجته تجاه الامريكيين من أصول غير أوربية "المسلمين والسود".
ما يعني حقيقة أن "ترامب" لا يحمل أي جديد في السياسية الأمريكية الخارجية، بل كل ما في الأمر أن الأوراق سترفع من تحت الطاولة إلى فوقها، ويبدأ عصرا جديدا من اللعب "على المكشوف".

مقالات ذات صلة

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

تعيين مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع في الحكومة السورية الجديدة

//