كيف تؤثر السياسة الأمريكية وإعلامها على رأي الشعب الأمريكي تجاه سوريا؟ - It's Over 9000!

كيف تؤثر السياسة الأمريكية وإعلامها على رأي الشعب الأمريكي تجاه سوريا؟

واشنطن بوست- (ترجمة بلدي نيوز)

على الرغم من أن انتخابات الرئاسة الأمريكية كانت بالكاد قد تطرقت لقضايا السياسة الحقيقية، فقد كان الصراع في سوريا والقتال ضد تنظيم الدولة ما بين القضايا السياسية الساخنة التي ناقشها في كثير من الأحيان كل من هيلاري كلينتون ودونالد ترامب في العام الماضي، وعلى الرغم من كلاهما سلّط الضوء على تهديدات تنظيم الدولة، فقد اختلفا حول كيفية التعامل معه في الواقع.

وقد أظهر استطلاع رأي جديد لجامعة ميريلاند والمنظم من قبل نيلسن سكاربورو في أوساط عينة تمثيلية وطنية من 1528 ناخب مسجل، كيف ينظر الرأي العام الأميركي لهذه القضايا، حيث تبين أن الأميركيين يريدون تنحية الخلافات مع روسيا وتوحيد القوى ضد تنظيم الدولة، ولكن هذا لا يعني بأن الأميركيين يثقون بروسيا أو معجبين برئيسها فلاديمير بوتين، في الواقع فإن الأميركيين لا يروق لهم بوتين مطلقاً ، فالجمهوريون يعتبرونه أكثر الرؤساء كرهاً، على مقربة من كيم جونغ أون.

وعلى الرغم من إعرابهم عن كراهية بوتين، يميل الرأي العام الأميركي لوضع الخلافات مع روسيا جانباً لمواجهة تنظيم الدولة، على الرغم من أن موسكو تعمل أيضاً مع خصوم الولايات المتحدة، وهما نظام بشار الأسد وحزب الله وإيران، وبينما يستمر الأميركيّون في التعبير عن تحفظّاتهم حول مشاركة أمريكية عسكرية واسعة النطاق في سوريا، فإن دائرة ترامب عبرت عن وجهات نظر أكثر تشدداً، ليس فقط من تلك التي عبرت عنها كلينتون ولكن أيضاً عما أعرب عنه ترامب بنفسه.

وبالنسبة للمواقف بشأن العلاقات مع روسيا حول سوريا، يتوحد الأمريكيون عبر الخطوط الحزبية على سؤال واحد: الدرجة التي يودون أن يروا فيها المزيد من التعاون الروسي الأمريكي، إذ يقول ثلثي الجمهوريين بأن المستوى الحالي للتعاون هو أقل من ذلك الذين يرغبون برؤيته، مقابل 72% من الجمهوريين و 65% من الديمقراطيين.

وبعد وصف حقيقة أن الولايات المتحدة وروسيا يدعمان الطرفين النقيضين في الصراع السوري في حين أن كلاً منها يرغب أيضاً في هزيمة تنظيم الدولة، سئل المشاركون في الاستطلاع عن أفضل مسار لهزيمة التنظيم، وكان نحو 60% منهم بما في ذلك ثلثي الجمهوريين وأغلبية الديمقراطيين، يفضلون أن يضعوا جانباً الخلافات مع روسيا للتركيز على مواجهة تنظيم الدولة.

ومن الواضح أن أحد دوافع تلك المواقف هو حقيقة أن الجمهور الأمريكي قام بتحديد تنظيم الدولة بكونه تهديداً كبيراً للمصالح الأمريكية، وأن محاربة تنظيم الدولة كان لها الأولوية أمام الهجرة والعجز التجاري للرأي العام الأميركي، ورداً على سؤال لاختيار اثنين من كبار أولوياتهم ضمن قائمة القضايا التي شملت أيضاً صعود الصين والقوة الروسية، فإن محاربة ذلك التنظيم تصدرت كل شيء، بنسبة 53% من المشاركين الذين وصفوا الأمر بكونه أحد اثنين من أهم الأولويات.

إن هذا التركيز العام على تهديد التنظيم الإرهابي يحل محل مخاوف أخرى شديدة الوطأة على السلام والأمن العالميين، مخاوف حقيقية تتعلق بعدوانية روسيا، وجرائم الأسد، وبالتأكيد فإن الجمهور الأمريكي بشتى شرائحه وميوله الحزبية من الممكن أن يكون قد صُرِف انتباهه من قبل الحملة الرئاسية، وبات لا يولي اهتماماً حقيقياً نحو تقارير التفجيرات والحرب الشنيعة للنظام الروسي والسوري في سوريا والتي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين وتدمير مستشفيات ومراكز مدنية ومبانٍ سكنية وبنى تحتية مدنية، وكذلك استخدام الأسد لأسلحة حارقة محرمة دولية وشنه لهجمات كيميائية ضد المدنيين، مما يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والقوانين الدولية والمعاهدات العالمية، في تهديد خطير للمستقبل العالمي.

و من غير المرجح أيضاً اطّلاع جزء كبير من الجمهور لفكرة أن الأسد كانت له المصلحة الأولى في قيام تنظيم الدولة، كوسيلة لتحويل الطاقات العالمية والمحلية التي يمكن أن تركّز خلافاً على ذلك في مواجهته، ولكن القصة السورية كانت تحدث منذ سنوات، في حين ركّزت تقارير وسائل الإعلام الأمريكية على الفظائع واللاجئين منذ فترة طويلة قبل بدء الحملة الانتخابية.

إن الكثير من الأمريكيين يكرهون الأسد بشدة (فقد كان اسمه يحتل المركز السادس على لائحة السياسيين الأكثر كرهاً) ويريدون لنظامه أن يتغير، إذ أن 35% من المشاركين أجابوا على سؤال محدد بشأن ما كانوا يرغبون للولايات المتحدة أن تركّز عليه في سوريا، ورأوا أن كلاً من هزيمة التنظيم الإرهابي وإزالة حكومة الأسد كأولويات، ومع ذلك فقد اختار 52% منهم هزيمة تنظيم الدولة، بالمقارنة فقط مع 2٪ الذين أرادوا الإطاحة بالأسد.

ويمكن أيضاً النظر إلى تفضيل التعاون مع روسيا كدليل على خوفهم من البدائل: فثلث الجمهور يخشون تقديم دعم عسكري كبير للمعارضة السورية التي قد تقع بيد عناصر تنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة، وحتى بعد منح المشاركين مجموعة من الوسائط التقليدية لصالح أو ضد إرسال قوات برية أمريكية كبيرة للمساعدة في هزيمة تنظيم الدولة، إذ أن 63% من الأميركيين لا يزالون حتى الآن يعارضون مثل هذه الخطوة.

وإذا ما كانت هناك قضية فعّالة وعادلة تتناول كلاً من الأسد أو السياسة الخارجية الروسية، يجب أن تكون على الأقل بذات أهمية مواجهة تنظيم الدولة، أو أن تهديد تنظيم الدولة قد يكون مبالغاً فيه نظراً لتلك الأولويات العالمية الأخرى للولايات المتحدة، ويظهر هذا الاستطلاع أن الأمريكيين لم يسمعوا بشيء كذلك.

وفي الوقت الراهن، فإن محاربة تنظيم الدولة الإرهابي تحل محل كل شيء، بما في ذلك كراهية بوتين والأسد، مما يدل على دور الإعلام والسياسة في تغطية المجريات في سورية ، والتستر على بعض أهم الحقائق بشأن الأطراف التي يصبّ تنظيم الدولة لصالحها، ومن ابتدعها وأخرجها من سجونه في بداية المطاف لتساعده في وأد الثورة الشعبية وتحويلها لصراع مسلح معقد.

-شبلي التلحمي أستاذ في قسم جامعة ميريلاند لاستطلاع القضايا الحساسة والزميل البارز غير المقيم في معهد بروكينغز.

مقالات ذات صلة

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

تعيين مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع في الحكومة السورية الجديدة

//