بلدي نيوز – (علاء نور الدين)
قبل أن تكتمل ملامح مأساة مدينة الموصل العراقية، والتي بات الآلاف من أهلها بين نازح ومحاصر وأخرين قضوا بالقصف، وتخوف من جرائم إبادة عرقية ومذهبية لمن تبقى، بدأت التصريحات الأمريكية عن قرب معركة الرقة تتعالى، منذرة بسيناريوهات ستكون أشد كارثية من الموصل، كما يعتقد أهل المنطقة.
تأكيد وزير الدفاع الأمريكي اثناء لقاءه بنظيريه التركي والفرنسي، أمس الاربعاء، عن قرب معركة تحرير الرقة، وأنها ستبدأ في الاسابيع القليلة المقبلة، جددت مخاوف أهل المدينة وريفها، فاتحة الأبواب أمام مأساة إنسانية قد تتبلور ملامحها مع أول هجوم على المدينة أو ريفها. فأين سيذهب أهل الرقة حينها؟
وبالنظر إلى موقع المدينة جغرافياً وتوسطها خريطة القوى المتصارعة على الأرض، تضع أهلها بين ثلاثة خيارات أحلاهما مرُ إما البقاء والمخاطرة بحياتهم تحت ما تنتظره المدينة من تدمير وقصف، أو النزوح باتجاه الشمال حيث تسيطر الميليشيات الكردية والتي لا تقبل وجودهم أصلاً، أو مناطق سيطرة النظام باتجاه حماة وتدمر والوقوع فريسة بيد الميليشيات الأسدية والشيعية.
النزوح الأكبر
يقول الإعلامي "احمد محمد"، وهو أحد أبناء المدينة وقد لجأ إلى تركيا بعد سيطرة تنظيم "الدولة" على مدينته، إن أهالي الرقة عايشوا حالة النزوح مرات عدة، ولكن المرات السابقة كانت الخيارات متعدة والخطر أقل، خصوصاً أن الريف الشمالي (تل أبيض) استوعب حالات النزوح لتوفر المعابر باتجاه تركيا، بينما يخضع اليوم لسيطرة ميليشيات "قسد" والتي لا تقبل وجود أحد منهم اليوم إلا بكفيل أو أن يكون من مواليد مناطق سيطرته.
ويؤكد المحمد بحديثه لبلدي نيوز اللجوء باتجاه الريف الشرقي ودير الزور الخاضعة لسيطرة التنظيم، لن يأتي بجديد، فهذا يعني أنه تغيير للمكان بنفس الصفات والمخاطر وبالتالي فهم ليس حل، كذلك هو الأمر فيما إذا كانت الوجهة إلى مناطق سيطرة ميليشيات الأسد سواء في الحسكة أو حماة وتدمر.
ويشير الإعلامي إلى أن اختيار التوقيت لإطلاق المعركة في الشتاء يضاعف المعاناة أكثر من أي وقت آخر، متسائلاً عن الضمانات الأممية لاستيعاب موجة الهجرة الأكبر بتاريخ الرقة منذ بداية الثورة، خصوصاً أن المدينة تضم الآلاف من النازحين من تدمر ودير الزور وغيرهما.
الحل بتحرير الريف الشمالي
من جانبه، يرى الصحفي "كنان سلطان" أن المعاناة ستكون أقل وطأة في حال كان التدخل التركي والجيش الحر العمود الفقري للمعركة، وفتح الريف الشمالي (تل أبيض ومنبج والباب) للنازحين، على غرار معارك التحرير من نظام الأسد عام 2012، حيث انطلقت من الريف الشمالي باتجاه العمق.
وبحسب السلطان، فإن تأمين الريف الشمالي (أي منطقة تل أبيض وريفها) كمنطلق للجيش الحر وأبناء الرقة لتحرير مدينتهم، سيشكل منطقة آمنة للرقة وأهلها، كما هو الحال بالنسبة لعملية "درع الفرات" والتي اثبتت نجاحها حتى اللحظة بتوفير ملاذاً للمدنيين حتى اللاجئين منهم إلى تركيا، وهو ما نعول عليه في حال التحرك لتحرير الرقة من تنظيم "الدولة".
يشار إلى أن مدينة الرقة وريفها، شهدت موجات هجرة متعددة منذ تحريرها من قوات النظام على يد فصائل الجيش السوري الحر، كان آخرها منتصف حزيران العام الفائت، إثر سيطرة الميليشيات الكردية على مدينة تل أبيض والتي مارست التهجير القسري بحق الالاف من أهلها ورفضت عودة آلاف أخرين، أمر كان عمل عليه تنظيم الدولة إثر سيطرته على الرقة وريفها.