بلدي نيوز – (علي حاج أحمد)
بدأ المدنيون في إدلب بالتحضير لفصل الشتاء القادم، الذي بات على الأبواب في ظل فقدان مادة المازوت التي يستخدمها السوريون في التدفئة، وارتفاع أسعار المحروقات بشكل عام، ونقص المواد الأساسية كافة وتدني مستوى المعيشة، بالإضافة إلى القصف المتواصل من قبل نظام الأسد وحليفه الروسي.
النقص الحاد في مواد التدفئة من الغاز والمازوت، أدى إلى عودة المدنيين إلى الأساليب القديمة في التدفئة، فأصبح يعتمد على الحطب في التدفئة بشكل رئيسي، ما جعل هذه السلعة تلقى رواجاً في الأسواق، وبدأ سعرها بالارتفاع بشكل جنوني، فعمد الكثير من السوريين إلى قطع الأشجار واستخدام الحطب للتدفئة.
"خليل" أحد سكان بلدة حزارين بريف إدلب الجنوبي، يقول: "أصبح سعر برميل المازوت المخصص للتدفئة 60 ألف ليرة سورية (100 دولار)، ومهما حاولت الأسرة الاقتصاد في استخدامه فهي تحتاج إلى أكثر من برميل خلال فصل الشتاء، ومن الصعب جداً تأمين هذه المادة بالنسبة للمواطن العاطل عن العمل، وذوي الدخل المحدود".
ويضيف (خليل) "أما بالنسبة إلى استخدام الحطب للتدفئة، فهو ليس أفضل حالاً، حيث وصل سعر طن الحطب إلى 50 ألف ليرة سورية، ومصدره من الغابات والأشجار الحراجية كالصنوبر والسرو والسنديان".
لم يقتصر الأمر على قطع الأشجار الحراجية، بل وصل الأمر بالمواطن السوري لقطع حتى الأشجار المثمرة التي تعد مصدر دخله.
فولكلور!
غياب الأمل بتوفر المازوت، حصر الخيارات أمام المواطن، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد، وفي ظل هذه المعاناة تتحدث وسائل إعلام النظام، عن ظاهرة استخدام الحطب في التدفئة، باعتبارها "عودة للفولكلور"، متجاهلة الأسباب التي دعت المواطن للجوء إلى هذه الطريقة بالتدفئة.
زيتون إدلب في خطر
(أبو حازم) فلاح من أهالي ريف إدلب الجنوبي، قال لبلدي نيوز "ارتفاع أسعار المازوت والغاز وانعدام الكهرباء، أجبرني على قطع أشجار الزيتون من بستاني، والتي تعد مصدر دخلي الوحيد، فقد قطعت 25 شجرة، لأنني لا أملك ثمن شراء الحطب من السوق، خصوصاً مع استغلال التجار حاجة المواطنين للحطب لرفع سعره".
ويضيف أبو حازم "عندما بدأ المنشار بقطع أول شجرة زيتون أحسست أنه يقطع عضواً من جسدي، فهذا الاشجار يزيد عمرها على 30 عاماً، ولقد كبرت معها، وكانت لا تبخل عليّ بالعطاء والخير الوفير، ولكن لم يكن أمامي أي خيار أخر".
(سمير) مهندس زراعي من ريف إدلب الجنوبي، يقول إن أشجار الزيتون التي يتم قطعها تحتاج إلى عشرات السنين لتنموا من جديد، ليس ذلك فحسب بل البعض عمد إلى قلع الأشجار من جذورها، وبهذه الطريقة لا يمكن لشجرة الزيتون أن تنمو من جديد، وهذا ما يشكل خطراً جسيماً على هذه الثروة".
حالة (أبو حازم) ليست الوحيدة بل هي مثال على ما يحدث في محافظة إدلب، تلك المحافظة المشهورة باسم "إدلب الخضراء" لكثرة أشجار الزيتون فيها، حيث يقدر عدد أشجار الزيتون فيها 3 ملايين شجرة قبل الحرب، وفيما لو استمر الحال على ما هو عليه من قطع لهذا المخزون من الأشجار، سوف تتحول محافظة إدلب من إدلب الخضراء إلى "إدلب الجرداء"، ولا شك أن الأمر خطير، وسوف يكون له نتائج اقتصادية وبيئية كارثية.