بلدي نيوز – (نور مارتيني)
سباق محموم بين مختلف الدول الإقليمية، على عقد صفقات تحت مسمى "مبادرات سلام" لحل المسألة السورية؛ يتصدر اسم "سوريا" العنوان العريض لهذه المبادرات، ولكن فيما يبدو أن كل الملفات العالقة يدفع ثمنها في البورصة الدولية، من دم الشعب السوري.
حيث اختتم اجتماع "لوزان" يوم أمس، دونما إحراز أي تقدم على صعيد مجريات الأمور في سوريا، فجدول الأعمال قد أكد على تبني الحل السياسي، بل والبدء بحل سياسي على الفور، كما أن الطروحات أكدت على مقترحات المبعوث الأممي "ستافان دي مستورا" إلى مجلس الأمن الدولي قبل عشرة أيام والمتعلقة بوقف الغارات الجوية على مدينة حلب مقابل انسحاب مقاتلي جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) من المدينة باتجاه إدلب.
ومع أن عدة لقاءات, سبقت انعقاد اجتماع "لوزان" والذي خصّص جدول أعماله لبحث المسألة السورية، منها لقاء ثلاثي لوزيري الخارجية القطري "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني" والسعودي "عادل الجبير" والمبعوث الأممي إلى سوريا، وآخر التقى فيه وزيرا الخارجية الأميركي "جون كيري" والروسي "لافروف"، قبل أن يجتمع "لافروف"و"ديميستورا"، إلا أن الاجتماع اختتم أعماله، دون أن يسفر عن أي نتيجة تذكر.
فيما ينعقد اليوم اجتماع في العاصمة البريطانية "لندن" يضم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بناء على دعوة وزير الخارجية البريطاني "بوريس جونسون" والتي ترمي إلى بحث جميع الخيارات لحل الأزمة السورية، بما فيها العسكرية. وقد دعي "وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" لحضور الاجتماع، حيث أمضى ليلته السابقة في "لوزان" بعد انتهاء الاجتماع الذي اختتم يوم أمس، للغرض نفسه.
تجدر الإشارة إلى أن "كيري" قد صرّح خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بنظيره البريطاني أن "نظام الرئيس بشار الأسد يدّعي محاربة الإرهابيين، لكن موسكو تستهدف المعارضة المعتدلة ولا تحارب تنظيم الدولة الإسلامية داعش"، مشيراً إلى أن "85 في المئة من القصف يستهدف المعارضة المعتدلة دعما ًلنظام دمشق".
حول أهمية هذا الحراك الدولي، وما يمكن أن يتمخّض عنه، يقول الصحفي"بسام يوسف" العضو السابق في الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة: "برأيي أن قراءة المرحلة الراهنة للملف السوري يجب أن تأخذ بالحسبان الظرف الراهن للأطراف الأساسية الفاعلة فيه، وخصوصا روسيا وأمريكا، فروسيا تحاول جاهدة، وبأسرع ما يمكن، إنجاز اتفاق أولي يجنبها المخاطر المحتملة لتدخلها عميقا في الملف السوري"، ويرى عضو الائتلاف السابق أن "بقاء الوضع على ماهو عليه يفتح الباب واسعاً على احتمالات سيئة بالنسبة لها، سواء من الناحية العسكرية، أو من الناحية الاقتصادية، وخصوصاً أن اقتصادها لن يحتمل مواجهة مفتوحة وطويلة الأمد. أما أمريكا فقد بات واضحا تصميم أوباما على مغادرة البيت الأبيض دون الدخول في مواجهات إستراتيجية وكبيرة، وعلى ضوء هذا يمكننا أن نفسر التردد الأمريكي الملحوظ في الفترة الأخيرة، من تصعيد إعلامي يعقبه ضعف دبلوماسي" .
ويلفت "يوسف" إلى أن أوربا تبدو غاضبة من هذا الوضع "لكنها لن تكون قادرة على الدخول كطرف أساسي في هذا الصراع مالم تشاركها أمريكا ." وأنّ "الأطراف الأخرى والتي هي في الصف الثاني من حيث القرار، لكنها الأولى ميدانياً، وأقصد تركيا وإيران، يبدو أن الروس استطاعوا الحصول على موافقتهما على الخطة الروسية"، ويؤكّد على أنه "يمكننا بوضوح رؤية التغيرات الميدانية والسياسية التركية، أما الفصائل المسلحة على الأرض سواء داعش أو النصرة وغيرها فهي ليست أكثر من أدوات في أيدي أطراف دولية وإقليمية ".
في السياق ذاته، يخلص الصحفي المعارض "بسام يوسف" إلى أنه "باختصار يمكن القول إن المرحلة القادمة ستكون ميدانية أكثر منها سياسية، ترتيبات مخطط لها كي تحدد مناطق نفوذ الأطراف، وترسيخ حدود هذا النفوذ كمقدمة للجلوس إلى طاولة المفاوضات .أخشى أن مناطق النفوذ التي يجري العمل عليها الآن وبوحشية، قد تكون مقدمة لتقسيم سوريا ".
من هنا، يمكن القول إن كل الدول الفاعلة في الملف السوري لا تملك سوى الجعجعة، وأن الدولة الوحيدة التي تملك أدوات "الطحن" هي روسيا، ولكنها تستخدم إمكانياتها لطحن الشعب السوري. وعليه، فإن كلّ مبادرة سلام فاشلة، هي "شيك" مفتوح لروسيا لاستكمال تهجير الشعب السوري، وتسيير مزيد من الباصات الخضر نحو إدلب، تمهيداً لحرقها، وإعادة حلب لعهدة النظام، بعد حصارها وتجويعها، بالتعاون مع شركائها في "قوات سوريا الديمقراطية"، والبداية من "منبج" التي دخلها النظام برعاية الروس و"قسد".