السوريون في المغرب العربي.. سباحة في بحر اللغات - It's Over 9000!

السوريون في المغرب العربي.. سباحة في بحر اللغات

بلدي نيوز – (زهرة محمد)
قصد السوريون بلاد المغرب العربي هرباً من حرب النظام على الشعب، وبحثاً عن الأمان، فكانت وجهة البعض بلاد المغرب العربي، كونها تعتبر الأقل ازدحاماً بالنسبة لهم من حيث أعداد اللاجئين، فتونس والمغرب والجزائر، كانت الأقل استقبالا للأعداد الهائلة من السوريين، الذين تدفقوا عبر الحدود قهراً وقسراً، حتى فرضت الفيزا على السوريين ما أوقف تدفقهم بشكل كامل.
وكما كل البلدان التي وصل إليها السوريون، كان هناك عوائق كبيرة للانخراط في المجتمع المغربي ككل، حيث وجدوا فروقاً ملحوظة اجتماعياً وثقافياً على حدٍ سواء، حيث اختلفت العادات والتقاليد والمفاهيم، وتنوعت اللغات واللهجات، وحتى أسلوب الطهي المختلف .

يعتبر المجتمع المغربي أكثر اختلاطاً بالمجتمعات الأوربية، فإضافة لسنوات الاحتلال الطويلة، يوجد لديه جاليات كبيرة في دول أوروبا وخاصة (فرنسا ووبلجيكا والنروج وهولندا)، وتعتبر فئة الشباب في المغرب أوروبا هي الموطن الثاني لها، من حيث الحلم بالاستقرار والدراسة والعمل، حيث توجد فرص كبيرة لهم، ويرى المغربيون والجزائريون والتونسيون على حد سواء في أوروبا "الباب السحري" لحل الكثير من المشاكل الاقتصادية.


بحر من اللهجات واللغات!
بالنسبة للسوري وخاصة اللاجئين الجدد، تعتبر اللهجات المغاربية بعيدة كل البعد عن اللهجة السورية كثيراً، فهي متعددة ومتنوعة، وتختلف من مدينة لأخرى ومن دولة لأخرى، هذا بالإضافة لانتشار اللغة الامازيغية في معظم دول المغرب، خاصة في الجزائر والمغرب.
من شريحة اللاجئين السوريين التي وصلت إلى دول المغرب، يعتبر الشباب السوري هو الأكثر انخراطاً وفهماً للهجات واللغات المستخدمة، حيث يحاولون الـتأقلم بشكل سريع للبحث عن العمل والتعلم، واكتساب صداقات، على الرغم من صعوبة اللهجات المتداولة في دول المغرب، والتي تختلف وتتعارض مع اللهجة الدارجة في سوريا، فهناك مفردات قد تختلف بشكل جذري، وقد تكون بمثابة السب والقذف في وجه أحدهم، لو كررها السوري بلهجته دون دراية منه، والعكس صحيح هذا بغض النظر عن سوء الفهم الذي قد يحدث في التواصل مع الأهالي، وعدم الفهم للكثير من الكلام مثل سائقي سيارات الأجرة وبائعي الخضار وغيرها فكلمة ( ملوخية مثلا ) تعني في اللهجة المغربية ( بامية ) وكلمة (دغري)، والتي تعني للسائق السوري تابع بطريق مستقيم، أو في نفس الاتجاه، لا يفهم منها السائق شيئا فكلمة (نيشان) هي المعنى المرادف، وقس على ذلك الكثير والكثير.
(حسن ) أحد الذين أتوا للجزائر والذي لم يعرف أو يتوقع هذا الفرق في اللهجة، الأمر الذي تسبب له بسوء فهم مع الكثيرين غير مرة، حتى مع الجيران المحيطين بمنزله، لكنه يتأقلم مع الوضع، مستخدما العربية الفصحى لغة القرآن، التي ضمنت له التفاهم الصحيح مع كل الأشخاص الذين يعاني من صعوبات بالتفاهم معهم باللهجة العامية.
أما (جمال) وهو لاجئ سوري في المملكة المغربية، فرغم مرور ثلاث سنوات على وجوده في المغرب، لكنه لا يفهم من العبارات المحكية سوى القليل جداً، لأن اللهجة المغربية تعتبر من أصعب اللهجات المحكية في الوطن العربي، بالإضافة لأنه يرى هناك رفضاً ضمنياً من قبله في تقبل أي لهجة بديلة ينطق بها غير اللهجة السورية، والكثير ممن يقابلونه يسألونه لماذا لم يتعلم اللهجة، ويرد أنا لا ارغب بتغيير لهجتي السورية أبداً فهي كل ما تبقى لي من سوريا !.

الفرنسية أولاً!
رغم استقلال دول المغرب العربي عن فرنسا، إلا أن اللغة الأساسية في التعاملات الرسمية والحكومية والتعليمية تعتمد بغالبيتها على اللغة الفرنسية، وهناك مناطق ومحافظات يتكلم أفرادها مع بعضهم باللغة الفرنسية بشكل شبه كامل مثل مدينة الجزائر العاصمة، والرباط وغيرها، وتعتبر هذه المسألة صعبة عموماً للسوريين في هذه الدول، لأنه لا يفهم الكثير من الأوراق الرسمية مثلاً، فضلاً عن مشكلة انخراط الأطفال في المدارس والتي تشكل الهاجس الأكبر للسوريين، لأنهم غير مستعدين لدراسة المنهاج الفرنسي، وفي كثير من الأحيان لا يستطيع الطفل خاصة إذا كان قد درس سابقاً منهاجاً سورياً بين ( 9-12) تقبل المنهج الفرنسي بسهولة، ولربما يتعرض لإعادة السنة لعدم فهمه أغلب الدروس التي تعطى باللغة الفرنسية، والتي تعتبر هي المقوم الأساسي للنجاح في المدارس الحكومية والخاصة أيضاً.
(أبو الجود) لاجئ سوري في المغرب، لديه ولدان في المدرسة، يرى صعوبة بالغة في فهم ابنه للغة الفرنسية، رغم مرور ثلاث سنوات في المدرسة الحكومية التي يدرس فيها، خاصة مع سوء الوضع التعليمي وعدم الاهتمام بالطلاب السوريين الذين يجدون مشكلة في ناحية ما، وقد اضطر لنقل أبنه رغم ظرفه المادي الشيء إلى مدرسة خاصة، كي ينال تعليماً أفضل ويستطيع مجاراة من في عمره ويتلقى بعض العناية في ما يخص اللغة، أيضاً أجبر (أبو الجود) على إحضار معلمة دروس خصوصية لأبنائه، لعدم فهمهم ما فات من دروس خلال السنوات السابقة، حيث ينحصر دور المدرسة في تعليمهم اللغة الفرنسية فقط!!.
ويعاني الطلبة الجامعيون السريون من نفس المشكلة حيث تعتمد مناهج الجامعات على اللغة الفرنسية بشكل أساسي، وتجد (علا) التي تقطن الجزائر العاصمة، نفسها كجامعية مقصرة جداً، رغم محاولتها التعويض وتدارك المشاكل التي سببها لها تبدل اللغة، فاللغة الفرنسية هي العمود الفقري لتجاوز مرحلة الدراسة والدخول في مرحلة العمل، إن أرادت العمل بشكل رسمي في أي قطاع، حيث اضطرت للتسجيل في دورات خاصة للغة الفرنسية، وهي مكلفة جداً، كون الدولة لا تؤمن هذا للشيء بشكل مجاني.
لغات أخرى !
لعل اللغة الفرنسية هي اللغة الأولى بشكل عام، ولكن هناك بعض المناطق وتحديداً في المملكة المغربية، تسود اللغة الإسبانية، وتعتبر لغة هامة في التعاملات التجارية والسياحية، حيث أن أغلب السياح يأتون من إسبانيا للسياحة وللعمل كما أن الشركات المشغلة والصناعية بأغلبها تعود لشركات إسبانية ويعيش عدد كبير من الاسبان في مدينة طنجة وتطوان وسبتة، المحتلة وميليلة في الجنوب والعكس صحيح، حيث يمكن لأهالي المدن الشمالية أن يسافروا بسهولة كبيرة إلى إسبانيا.
ففي ظل وجود لغات ثانية تنافس اللغة العربية، فإن اللاجئين السوريين يجدون عائقاً كبيراً في فهم التعلميات، أو الأوراق الرسمية، وحتى أسماء الطرقات والشوارع، ورسائل الهواتف، وإيصالات المياه والكهرباء وأمور أخرى، وبحسب بعض الآراء فإن دول المغرب توصف بأنها "تمسك العصا من المنتصف" فلا هي غربية ولا هي عربية، حسب ما يلاحظ من اختلاف بين المجتمع السوري والمجتمعات المغاربية، إلا أن البعض يرغب في تحسين قدرته على فهم محيطه الجديد الذي قد يعيش فيه دهراً.

مقالات ذات صلة

4600دخلوا ألمانيا رغم الحظر المفروض منهم 385 سوري

سوريون فروا من حرب ليقعوا ضحية حرب أخرى

مقتل أكثر من عشرين لاجئاً سورياً في الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان

بينهم سوريون...السلطات التركية في ولاية أدرنة توقف 24 طالب لجوء

حملة واسعة لإخلاء السوريين من عدة بلدات في لبنان

أردوغان بعد أحداث قيصري "إشعال الشوارع بالتخريب أمر غير مقبول"