بلدي نيوز – دمشق (ميار حيدر)
تتواصل حلقات مسلسل التغيير الديموغرافي والتطهير المذهبي في سوريا، فبعد النجاح النسبي للأسد في تهجير السنة من سوار دمشق، بدأ بعمليات تهجير أقل حدة تستهدف الكتل السكانية "غير الشيعية" من المدينة نفسها.
فإيران تقود الأسد وتستخدمه في تحقيق مشروعها الطائفي، الذي يعتبر مدينة دمشق إحدى ركائزه الأساسية، بدأت بتهجير المسيحيين تدريجياً من الأحياء التي يقطنونها، بمجموعة من الممارسات التي تستهدف التضييق عليهم حتى يهاجروا، في مشهد مشابه لتصرفات إسرائيل بحق المدنيين المقدسيين في القدس الشريف.
فإيران التي تستخدم الأسلوب غير المباشر في تهجير المسيحيين، مستخدمة شبيحة النظام والمدنيين المرتبطين به بدون أن تكون في الواجهة، تستخدم أسلوباً (أكثر فجاجة) في جرمانا، الحي الذي تقطنه معظم العائلات الدرزية في دمشق.
فلتان أمني
الفلتان الأمني والأخلاقي وحالة الفوضى التي ترعاها مخابرات الأسد وقيادات ميليشياته، جعلت المدنيين في جرمانا تحت رحمة عناصر هذه الميليشيات والأفرع، حيث ينظر النظام وإيران لكل ما هو غير شيعي في دمشق بأنه هدف للتهجير أو التشييع، وهذا ما تثبته الحالات الكثيرة للتشيّع التي بدأت تنتشر في صفوف الدروز، وقد تكون أشهرها مؤخراً تشيّع (نجل الشيخ كميل نصر)، والذي تشيّع وانتسب لإحدى الميليشيات الشيعية، فالدروز في دمشق يواجهون تهديداً وجودياً حقيقياً وإن كان أبعد في المدى الزمني، وأخف حدة من العمليات المباشرة التي تواجه السنة، لكنهم في النهاية هدف للنظام المحكوم بعقلية (ولاية الفقيه الشيعية).
حصار من نوع أخر
تؤكد الصفحات الإخبارية من قلب منطقة جرمانا، أن الفلتان الأمني والأخلاقي الذي ينشره النظام ويتحكم به، لم يعد للعقل البشري أي قدرة على تحمله، فالشبيحة وعناصر الميليشيا الشيعية لا يوجد من يردعهم، فحيثما مررت في شوارع جرمانا لا تتوقف أصوات أغاني (الضيعة) العالية جداً، إضافة إلى أغاني (الرواديد الشيعة، الذين يتوعدون بالويل والثبور لقتلة الحسين، وكل من لا يواليهم) لا تكاد تهداً، وخاصة في أوقات الليل، بالإضافة إلى الصراخ والرقص والتحرش بالفتيات والنساء وحتى الشبان، في الشوارع، من قبل السكارى والحشاشين المسلحين من عناصر النظام والميليشيات الشيعية، التي حولت المنطقة لبؤرة لتجارة المخدرات بأصنافها.
إضافة لاستجلاب العشرات من العائلات الشيعية، وإسكانها في منطقة جرمانا، والانتشار الدائم لعناصر الميليشيات الشيعية الايرانية، والمتشيعين من أبناء المنطقة.
رصاص عشوائي!
إحدى الوسائل التي يستخدمها النظام للتضييق على سكان جرمانا، هي موضوع إطلاق النار في الهواء وعلى الأبنية بشكل عشوائي، بهدف إخافة المدنيين والتضييق عليهم، ودفعهم لمغادرة المنطقة باتجاه السويداء، في محاولة لتكريس التقسيم الطائفي في سوريا، الأمر الذي لا ينفك العشرات من المعلقين من سكان المنطقة على تكراره، وتأكيده على الصفحات الموالية.
المعلقون على هذه الأعمال يؤكدون تكراراها وبدون محاسبة، حيث أن عناصر الميليشيات يطلقون النار تجاه المنازل، وبخاصة في الطوابق العليا مستهدفين النوافذ، ما تسبب بعدد من الوفيات والإصابات، وحالة الخوف الدائمة لدى المدنيين من هذه الرصاصات الطائشة.
لا يستطيع المتضررون من هذه الأفعال اتهام النظام بشكل مباشر، لكنه يعلقون التهمة في رقبة "السكارى والحشاشين"، الذين وصفهم أحد التعليقات التي نشرت بأنهم "كلاب شاردة يستيقظون عندما تنام المدينة، يجوبون الشوارع بسياراتهم الفخمة، يطلقون النيران كيفما يحلو لهم، وفي أي وقت يريدون، ولكن الغريب أن هؤلاء يقفون على الحواجز العسكرية، ويشربون المتة مع عناصر الحواجز وكأنهم لم يفعلوا أي شيء".
وقد تكون أشهر حوادث إطلاق النار حدثت في أواخر شهر تموز من العام الحالي، عندما أفرغ أحد شبيحة الأسد مخزن بندقيته تجاه الأبنية السكنية حوله، ما تسبب بإصابة عدد من المدنيين، إضافة لحال الذعر التي سادت المنطقة أثناء "الهجوم".
الصفحات الموالية للأسد في جرمانا تسترت على الشبيح، وتحدثت عن حدوث "إشكال مجهول السبب في كورنيش كرم صمادي بمدينة جرمانا، قام خلاله شاب بإطلاق النار، باتجاه أشخاص في بناء مجاور لمنزله، وقد أسفر ذلك عن إصابة شاب وامرأة".
يذكر أن جرمانا، تعد أهم البؤر التي يديرها حزب الله اللبناني وميليشيا لواء "أبو الفضل العباس" العراقية، ومع سيطرة هذه الميليشيات على المدينة، بدأت الخمارات والنوادي الليلة بالظهور تدريجياً.
يبدو أن مصير سكان جرمانا الدروز لن يختلف كثيراً عن مصير سنة "سوار دمشق"، أو مسيحيي باب توما، فكل من هو "غير شيعي"، ليس لديه أي خيار سوى التشيع أو الخروج من دمشق، ومن يفهم عقلية النظام يدرك تماماً أنه لن يكون هناك أي استثناءات، سواء للصامتين أو حتى مؤيدي النظام.