بلدي نيوز – إسطنبول (غيث الأحمد)
كانت الأمم المتحدة تنظر إلى تصاعد حدة العنف في سوريا والتوتر السياسي الإقليمي والدولي على أنه خير دليل على قرب موعد المفاوضات الجدية حول الحل السياسي في سوريا.
لكن على ما يبدو أن الأمم المتحدة باتت خارج كل الحسابات، حيث تعقد الدول الفاعلة في الملف السوري ثلاثة اجتماعات في أقل من أسبوع في كل من الرياض ولوزان ولندن، لبحث الملف السوري والوضع في حلب على وجه الخصوص، فإمساك النظام وروسيا وإيران بحلب يعني تغيير الموازين العسكرية على الأرض وهذا من شأنه أن يمد من أمد الصراع ويغير من شروط الحل السياسي الذي تعقد حوله المفاوضات في جنيف.
الهدف الأول من الاجتماعات هو تخفيف حدة التوتر عبر وقف الحملة العسكرية على حلب وإدخال المساعدات الإنسانية للمحاصرين (باستثناء إيران المتمسكة بالحسم العسكري)، بعد أن أصبحت روسيا أقل حدة بشأن السيطرة على الأحياء الشرقية التي تخضع لسيطرة المعارضة السورية، نتيجة الحملة السياسية والإعلامية التي تشنها الدول الأوروبية عليها، وخاصة المبادرة الفرنسية–الإسبانية التي أحرجت موسكو في مجلس الأمن ودفعتها لتعطيل القرار، واعتبارها أول دولة رئيسة في تاريخ المجلس تستخدم حق النقض "الفيتو"، مع تحرك نيوزلندي جديد في مجلس الأمن عبر توزيع مشروع قرار لوقف كل الأعمال الوحشية التي تهدد قتل المدنيين، وهذا ما يضع "الكرملين" تحت ضغط جديد.
الاجتماع الأول وهو الذي يجمع الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الرياض اليوم الخميس، ويترافق مع ذلك لقاء على مستوى وزراء الخارجية بين وزير الخارجية التركي ووزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، ويتصدر ملف وقف المجازر في حلب الاجتماعات، ويأتي هذا بعد أيام قليلة من اجتماع أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اسطنبول، وإعلانهم عن الاتفاق على إدخال المساعدات إلى أحياء حلب.
أما الاجتماع الثاني وهو دعوة روسيا لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الإقليمية السعودية وقطر وتركيا وإيران في لوزان السويسرية يوم السبت، ويترقب بوتين تفاهماً مع نظيره الأمريكي باراك أوباما أكبر من سوريا، ويحاول سبر نوايا القيادة الأمريكية التي لوحت باستخدام القوة ضد نظام الأسد، بعد انقطاع التواصل السياسي والدبلوماسي بين الطرفين بسبب فشل تنفيذ اتفاق كيري لافروف في التاسع من أيلول/سبتمبر الماضي.
و ردت واشنطن والاتحاد الأوروبي "المستبعد من لقاء لوزان" على ذلك بعقد مؤتمر وهو "الاجتماع الثالث" في اليوم الذي يليه في لندن، وذلك للاطلاع على نتائج المباحثات مع الروس.
ويعتقد مراقبون أن هذه الاجتماعات هي الفرصة الأخيرة أمام القيادة الأمريكية الحالية للمحاولة في وضع الملف السوري على سكة الحل السياسي، والتي باتت أقرب إلى المسار العسكري في الأيام الأخيرة، وهو أمر يشكك فيه بعض المعارضين السوريين بعد أن عجز وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على مدى أكثر من عام برفقة أصدقائه الأوروبيين عن وقف القصف على مناطق المعارضة السورية ورفع الحصار عن المدن المحاصرة وإيصال المساعدات الإنسانية.