بلدي نيوز – دمشق (ميار حيدر)
تعتبر دمشق إحدى المدن التي تعيش حالة من التشديد الأمني الذي يكاد ينعدم شبيهه على مستوى العالم، فالعشرات من الحواجز التابعة لقرابة 17 فرعاً أمنياً مختلفاً تحصي المارين، وتعد أنفاسهم وتفتش السيارات وحتى أجهزة الموبايل، وكل ما يمكن تفتيشه أو سرقته.
لكن على الرغم من هذا التشديد الأمني الكبير، أعداد الجرائم المختلفة ما تزال في تزايد يوماً بعد يوم، في مناطق النظام، وتصبح علنية أكثر فأكثر.
فمقارنة بما يفعله الشبيحة من جرائم، لا يعد القتل وسرقة المصاغ الذهبية وسط دمشق جريمة مميزة أو خاصة، أو يجب التوقف عندها كثيراً، فهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالنظام المسيطر على دمشق هو اللص الأكبر والسارق الأول، في مدينة تحكمها شريعة أكثر دموية وقسوة من شريعة الغاب، أصبح فيها المدنيون، حتى أولئك الذين صمتوا على الظلم وقبلوا بحكم الأسد رهبة أو رغبة، بمثابة الضحية الدائمة للانفلات الأمني الذي يرعاه النظام.
اللص يعيش في المخفر
شارع "العابد" وسط دمشق المعروف بكثرة توافد المدنيين إليه، بالإضافة إلى القبضة الأمنية الكبيرة لنظام الأسد على مدخله ومخرجه، شهد أول أمس الخميس جريمة قتل وسرقة محل لبيع الذهب، جريمة ارتكبها "مجهولون"، غادروا بسلام حاملين معهم الذهب الذي سرقوه، بدون أن تلاحظه أي من الحواجز الأمنية التابعة للنظام، والتي يمتلك كل منها قوائم بالآلاف، من المطلوبين للقتل الفوري عند عبورهم للحواجز، ومع ذلك لم يمسك أي من عناصر "الأمن" بالمجرمين، ولم يكتشفوا الذهب المسروق.
سرقة أمام البرلمان
تعرض المحل للسرقة رغم قربه من برلمان الأسد، ووقوعه مقابل المطعم "الصحي" أحد أبرز المطاعم المكتظة بالزبائن، من الشبيحة وعناصر الأمن، حيث استطاع "المجرمون المجهولون"، خنق القتيل ونهب المحل بكل أريحية "بدون أن يشعر بهم أحد".
يبدو أن هدوء الوضع العسكري نسبياً في دمشق كان سبباً لبحث الشبيحة عن مصادر جديدة للدخل، ما دفعهم للاتجاه نحو السرقة والنصب، بسبب علمهم أنهم لن يتعرضوا للمحاسبة، فحتى أخطر المجرمين يخرجهم النظام من سجونه للقتال في صفوفه.
ففي منتصف الشهر الحالي كان قد أعلن بنك "بيمو" في دمشق عن تعرضه للاحتيال بمبالغ مالية كبيرة، بنك "بيمو" التجاري الخاص لم يأت على ذكر الطريقة التي تعرض بها مصرفه للاحتيال، ولم يأت على ذكر حيثيات العملية، مكتفياً بمعلومات مقتضبة لا أكثر.
فقال في بيان رسمي أصدره الخميس المنصرم، بأن البنك تعرض في التاسع عشر من شهر أيلول إلى عملية احتيال مالي بمبلغ وقدره 88 ألف يورو، بالإضافة إلى 55 ألف دولار أمريكي.
كما نوه البنك السعودي الفرنسي إلى قيامه بتحويل ملف الاحتيال، إلى ما أسماها بـ "الجهات المختصة في دمشق"، وكذلك إلى شركة التأمين التي يبرم اتفاق معها.
شريعة الغاب التي تحكم بها دمشق والمناطق التي يسيطر عليها النظام، تنذر بأن الأسوأ قادم، بسبب حالة الفلتان الأمني التي تسيطر على أحيائها، وغياب القانون، وحالة الاضطهاد والسرقات التي ترتكبها ميليشيات الأسد، والتي يذهب ضحيتها موالون للنظام أو مدنيون من الذين فضلوا الصمت والخضوع بدل الثورة على الأسد.