بلدي نيوز – (نور مارتيني)
أسابيع قليلة تفصل العالم عن حسم المعركة الانتخابية الأمريكية، خلال هذه الفترة سيسعى كلا الحزبين المتنافسين إلى استنفاد آخر الأوراق الرابحة بأيديهما لحسم المعركة الانتخابية لصالحه، وفق أساليب تقنع الناخب الأمريكي الذي يشكّل الملف الاقتصادي الورقة الرابحة بالنسبة له.
غير أن الكونغرس الأمريكي فضل أن يقلب الطاولة على الجميع، ويطرح قانون "جاستا" أو "العدالة ضد رعاة الإرهاب"، ومع أن الرئيس الأمريكي الذي سيغادر البيت الأبيض عمّا قليل، قد استخدم الفيتو ضد هذا التمرير، غير أن القانون كسب تأييداً كاسحاً من قبل أعضاء الكونغرس الأمريكي، حيث صوت 338 نائباً أمريكياً من أعضاء مجلس النواب لصالح رفض الفيتو، فيما صوت 97 نائباً لصالحه، أما في مجلس الشيوخ، فقد تمكّن النواب من إبطال الفيتو بنتيجة كاسحة، حيث رفض 97 نائباً الفيتو، بمقابل صوت واحد أيّد الفيتو، وبهذا يدخل القرار حيّز التنفيذ.
وكان الرئيس الأمريكي الحالي "باراك أوباما" قد برّر استخدامه للفيتو ضد تمرير القانون بأن له تأثيراته السلبية على علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها، بالإضافة إلى إخلاله بالقانون الدولي، القائم على "الحصانة السيادية"، كما أنه يضر المصالح الأميركية حول العالم وفق تصريحات الرئيس الأمريكي الذي يواجه هذا التحدي من قبل الكونغرس الأمريكي، للمرة الأولى، خلال فترتيه الرئاسيتين.
فيما أعربت المملكة العربية السعودية عن استنكارها للقانون، في بيان نشرته وزارة الخارجية، حيث وصفت القانون بأنه "من شأنه إضعاف الحصانة السيادية والتأثير سلباً على جميع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة".
ولكن وجهة النظر هذه لا تلتقي مع توجهات الناخب الأمريكي، الذي لا يعنى نهائياً بالسياسة الدولية، بل يشكّل الملف الاقتصادي أهم ملفاته.
وينص قانون "جاستا" على "توفير أوسع نطاق ممكن للمتقاضين المدنيين تماشياً مع دستور الولايات المتحدة للحصول على تعويض من الأشخاص والجهات والدول الأجنبية التي قامت بتقديم دعم جوهري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأفراد أو منظمات تعتبر مسؤولة في أنشطة إرهابية ضد الولايات المتحدة."
بهذا الخصوص يرى الخبير القانوني، والعضو في المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان "صلاح شامية" أن "القانون يتعلق بالتعويضات المالية فقط، أي أن القانون "يعطي الحق لكل مواطن أمريكي، أي أنه يشمل المواطن السوري الحاصل على الجنسية الأمريكية، الحق بالادعاء على الحكومة السورية، إذا ما أثبت أنه تضرر بفعل من أفعالها".
وفيما يتعلق بتأثير هذا القانون على الدول الفاعلة في الملف السوري، يؤكّد الخبير القانوني أنه
"قد تطول المحاكم لسنوات" لافتاً إلى أنه "ربما يكون المستهدف هو السعودية، لكن المتضرر الأكبر سوف يكون إيران، وثقتي لو أن هذا الأمر فيه ضرر بحت للسعودية لما استخدم أوباما الفيتو"، ويبيّن أنه "من حق السعودية أيضا أن تحاكم أي شخص أمريكي، ممثلاً بدولته من مبدأ المعاملة بالمثل".
ويشير "صلاح شامية" إلى أن "أمريكا بحدّ ذاتها قد تتأثر بالقانون، فعلى سبيل المثال قد يخرج بشار الأسد ويقول إن سوريا قد تضرّرت من قصف دير الزور على سبيل المثال، وقد يدعو بعض زبانيته لرفع قضايا ضد الولايات المتحدة".
من جهة أخرى يوضح الحقوقي والناشط في مجال حقوق الإنسان أنّ "أوباما من أشهر محامي أمريكا، وهو يدرك تماماً تبعات هذا القانون الذي سيفتح الباب لدعاوى قد تطال الولايات المتحدة، وسيحتاج إلى تعديلات ليتم تنفيذه لأنه يؤلم الجميع".
ويوضح "شامية" أنه باستطاعة السوريين الاستفادة من هذا القانون، من خلال رفع قضايا ضد الميليشيات الإيرانية وحزب الله، والمطالبة بتعويضات مالية، ويوضح أن "القانون جاء لدعم الاقتصاد الأمريكي المنهك" وأن "أمريكا بهذا القانون تمثل الوجه الأمريكي لرامي مخلوف، أي حرامي بالقوة".
نجح قانون "جاستا" في صرف الأنظار عن المهاترات التي شهدتها الحملة الانتخابية، والتي وصلت إلى مستوى غير مسبوق في شخصنة القضايا، واستخدام كل الأوراق لإسقاط الآخر، غير أن السباق الانتخابي ما زال مفتوحاً على كل الاحتمالات، ولكن الثابت في الأمر أن هذا القانون جاء لصالح الخزينة الأمريكية، فضلاً عن كونه وسيلة ابتزاز سياسية ستخرج أمريكا من ورطتها المخزية، في السير بركاب روسيا، وستجرّد روسيا مجدداً من الإنجازات السياسية التي وصلت إليها من خلال "بلطجتها" وإرهابها.