ما بين "سيربرينتشا" البوسنية وحلب السورية.. الأمم المتحدة تقتل المدنيين - It's Over 9000!

ما بين "سيربرينتشا" البوسنية وحلب السورية.. الأمم المتحدة تقتل المدنيين

بلدي نيوز - (خالد وليد)

أنهى نظام الأسد عملياً هدنة كيري-لافروف التي استمرت لفترة أقصر من فترة التفاوض عليها، حيث جاء إعلان النظام لإنهاء الهدنة بشقين، شق إعلامي رسمي تمثل ببيان رسمي عبر وكالة (سانا) والذي أعلن فيه انتهاء الهدنة، بسبب عدم التزام "المسلحين" بها، على الرغم من أنه ليس له علاقة بالهدنة، أو إعلان نجاحها وفشلها من الأساس، فالأطراف المخولة فعلياً بإعلان انتهاء الهدنة هم أمريكا وروسيا وليس "ذيل الكلب".

الشق الثاني من إعلان انتهاء الهدنة، تمثل في قصف قافلة المساعدات الأممية، التي كانت أحد مكونات الاتفاق الرئيسية التي أعلنها الروس والامريكان، والتي لم تدخل إطلاقاً وتأخرت لأكثر من سبب تخلو من الواقعية، ومنها (إعلان نشاط تنظيم القاعدة في المناطق التي ستمر فيها القافلة) ما أدى لتأخيرها لأسباب "أمنية"، والعديد من الأسباب الأخرى التي لا يمكن إرجاعها إلا إلى عدم وجود نية حقيقية لإدخال المساعدات.

ثم وعندما انتهت الهدنة، وبينما كانت القافلة تمر باتجاه حلب (والتي سمح لها بالعبور بعد انتهاء الهدنة بشكل سريع)، تعرضت للقصف، الذي لا يعتبر خرقاً للهدنة ببساطة لأنه حدث بعد إعلان انتهائها، ولم يعلن أحد المسؤولية عنه، على الرغم من إعلان روسيا قصف النظام لمناطق غربي حلب.

أمم متحدة!

قد تكون سوريا أحد أحدث الأمثلة على التخاذل الأممي، الذي وصل لحد التعاون المعلن مع الديكتاتوريات، في الصراعات التي نشبت في أكثر من منطقة في العالم.

فقبل سوريا كانت البوسنة مثالاً على استسلام الأمم المتحدة للصرب، الذين ارتكبوا عدة مذابح وعمليات تطهير عرقي منظمة ضد البوسنيين بشكل أساسي، شملت حتى أخذ مدنيين من مخيمات تشرف عليها الأمم المتحدة وذبحهم، لتكون مذبحة "سيربرينتشا" مثالاً صارخاً على ذلك الاستسلام الذي وصل حد الدعم.

مذبحة "سيربرينتشا" (1995) التي حدثت بعد قبول المتطوعين البوسنيين إلقاء أسلحتهم بعد وعد من الأمم المتحدة، وإعلانها لمنطقة وادي (درينا) الذي تقع ضمنه البلدة كمنطقة آمنة، ونشر 400 جندي هولندي في المنطقة، والذين سلموا المدنيين البوسنيين للصرب بعد رفضهم القتال لحمايتهم.

الصرب ذبحوا أكثر من 8000 شاب ورجل وطفل (من 14 إلى 50)، واغتصبوا النساء والأطفال، بعد سحب السلاح الذي وافق عليه المتطوعون البوسنيون بطلب من الكتيبة الهولندية التي تعهدت بحماية المنطقة، لتحدث بعدها أكبر مذبحة في أوروبا على بعد أمتار من مقرها، وعلى مرأى من الجنود الهولنديين، الذين اكتفوا بالفرجة.

دور أمريكا كان بسيطاً جداً، وهو تصوير المقابر الجماعية عبر الأقمار الصناعية، واستخدام الصور لابتزاز روسيا وتصفية القيادة الصربية فيما بعد، للتأكيد على أن لا شهود على القضية سوف يقلقون راحتها لاحقاً، والذي يبدو أن قيادات النظام تلاقي نفس المصير تدريجياً، وقد يكون قصف القافلة هي إحدى التهم التي ستضاف لرصيد الأسد ومساعديه، في اللحظة المناسبة لتصفيتهم.

تعليق المساعدات!

أحد النتائج الأساسية لعملية قصف قافلة المساعدات المتوجهة إلى حلب كان إعلان الأمم المتحدة تعليق نشاطاتها في سوريا، حتى إجراء تقييم أمني للوضع الأمني، التعليق جاء على لسان "ينس لاركه" المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لوكالة رويترز يوم الثلاثاء، والذي قال فيه "إن المنظمة الدولية علقت تحركات كل قوافل المساعدات في سوريا، بعد أن أصابت ضربة جوية قافلة من 31 شاحنة، في وقت متأخر يوم الاثنين".

وأضاف "كإجراء أمني فوري تم تعليق تحركات القوافل الأخرى في سوريا في الوقت الحالي، في انتظار المزيد من التقييم للوضع الأمني".

قوافل المساعدات التي تأخرت عن موعد وصولها وقصفت وهي في الطريق بعد مماطلة في السماح لها بالمرور، ثم تعليق المساعدات ليس في مصلحة أي طرف سوى النظام، الذي يستخدم التجويع والحصار كسلاح دمار شامل، يضرب به المناطق التي يريد تفريغها من السكان.

الأمم المتحدة تدرك تماماً من قصف قافلتها، لكنها بدل أن تسميه صراحة، وتحدد المسؤول عن القصف سواء روسيا أو النظام، توقف إيصال المساعدات للمتضررين منه، وتدعمه بطريقة مباشرة بتعليق المساعدات.

 لا يعرف تماماً ما هي المدة التي سوف تعلق فيها المساعدات، والتي قد تطول لأيام أو حتى أسابيع، في ظل غياب تفاصيل الآلية التي سوف تستخدمها الأمم المتحدة لتقييم الوضع الأمني في سوريا، ومدى أمكانية نقل المساعدات وبدون تحديد بديل للمدنيين المحاصرين في المناطق التي أوقفت الأمم المتحدة إيصال المساعدات إليها وبخاصة حلب، الأمر الذي سوف يساهم في الحصار الذي يفرضه النظام على حلب والعديد من المناطق الأخرى، ويفاقم المعاناة الانسانية، في حين لم تعلن الأمم المتحدة عن وضع مشاريعها في مناطق سيطرة النظام، ومستوى الدعم الذي ستستمر بتقديمه لمؤيديه، والذي أعلنت صفحة "دمشق الآن" أنه سيشمل قرابة "مليون حقيبة مدرسية" للطلاب في مناطق النظام، والتي لم يصل مثلها للمناطق المحررة، عدا عن العديد من المشاريع والخدمات المختلفة، التي تؤمنها الأمم المتحدة للنظام، إضافة لجعله المعبر الوحيد للمساعدات إلى سوريا وما يحصل خلال تلك العملية من نهب للمساعدات وحتى استخدامها لإطعام جنود النظام.

تخاذل الأمم المتحدة في سوريا الذي وصل حد التعاون العلني مع النظام، يشبه صمت عناصر الكتيبة الهولندية عن سوق البوسنيين للذبح على مرأى منهم، على الرغم من قدرتهم على طلب العشرات من الطائرات، ومسح القوات الصربية التي نفذت المذبحة.

ثمانية آلاف حذاء

الشعوب لا يمكن خداعها، فالبوسنيون خلدوا ذكرى "سيربرنيتشا" بنصب من الأحذية القديمة، التي تمثل في الثقافة البوسنية كما العربية، قمة الازدراء والاحتقار، فوضعوا أحذية بعدد "الشهداء" الذين سقطوا خلال تلك المذبحة، على نصب يمثل الأمم المتحدة، التي تخاذلت عن مساعدتهم.

 بالنسبة للسورين يبدو أنه لو استخدمت نفس التقنية لبناء نصب يخلد تخاذل الأمم المتحدة، فسنحتاج لميدان كبير لوضع مليون حذاء على الأقل، بعدد قتلى الحرب السورية الذي سببه تخاذل الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

الحكومة الإيطالية تقنع الاتحاد الأوربي بتعيين مبعوث له في سوريا

محافظ اللاذقية: بعض الحرائق التي حدثت مفتعلة

النظام يحدد موعد انتخابات لتعويض الأعضاء المفصولين من مجلس الشعب

خسائر لقوات "قسد" بقصف تركي على الحسكة

شمال غرب سوريا.. قصف النظام يجبر نحو 6 آلاف مدني على النزوح باتجاه الحدود

لافروف"اختلاف المواقف بين دمشق وأنقرة أدى إلى توقف عملية التفاوض"