في ظل تصاعد التوترات في شرق سوريا، تتكشف تفاصيل جديدة حول الأنشطة المشبوهة التي تقودها الميليشيات الإيرانية في دير الزور. أفادت مصادر مطلعة بإنشاء معمل جديد لإنتاج المخدرات في منطقة جمعية الرواد، تحت إشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني. هذا التطور يعكس تصميم الحرس الثوري على تعزيز صناعة المخدرات وتوسيع نطاقها، مما يفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية والأمنية في المنطقة، ويثير تساؤلات جدية حول مستقبل دير الزور وسكانها.
يقع المعمل الجديد في فيلا بمنطقة جمعية الرواد في دير الزور، ويرتبط بأنفاق بمبانٍ أخرى في محيطها، وجميعها تحت سيطرة الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني. تم إنشاء المعمل في الأسبوع الأخير من شهر يوليو، ويخضع لإشراف المكتب الأمني للحرس الثوري، الذي قام بجلب معدات حديثة من لبنان بواسطة سيارات تابعة لحزب الله، مع توفير حماية مشددة لمنع تفتيشها.
يُتوقع أن ينتج المعمل أنواعاً مختلفة من المخدرات، بما في ذلك الكبتاغون والشبو (الكريستال) والحشيش، بهدف تلبية طلبات المروجين والبائعين في دير الزور، إضافة إلى تصدير الإنتاج خارج المحافظة. وأوضحت المصادر أن المعمل مزود بمعدات حديثة استوردت من بيروت، مما يعزز القدرة الإنتاجية ويضمن جودة عالية للمنتجات.
تشارك جميع الميليشيات الإيرانية في دير الزور في حماية وتسويق إنتاج هذا المعمل، حيث تعتمد تمويلاتها بشكل رئيسي على بيع المخدرات. يدير عمليات الإنتاج خبير إيراني يدعى الدكتور جواد رجائي، وهو متخصص في الكيمياء. كما تتولى مجموعة نسائية تُدعى "كتيبة الزهراء"، بقيادة امرأة إيرانية تُلقب بـ"أم عبد القهار"، الجزء الأكبر من عمليات التسويق المحلي، مستهدفة مختلف شرائح المجتمع، بما في ذلك طلاب الجامعات والمدارس.
إنشاء هذا المعمل يأتي بعد تدمير عدد من معامل المخدرات السابقة نتيجة القصف، مما أدى إلى تراجع في الإنتاج، وبالتالي تأثير سلبي على تمويل أنشطة الميليشيات الإيرانية والمؤسسات التابعة لها، مثل المراكز الثقافية. يُتوقع أن تشهد الفترة القادمة طرح كميات كبيرة من المخدرات في دير الزور بأسعار مخفضة لاستعادة الزبائن المفقودين، ما ينذر بآثار سلبية جسيمة على المجتمع المحلي.
تشكل هذه التطورات مصدر قلق كبير بشأن سلامة المجتمع، خاصة مع تزايد جرائم استهداف الأطفال لتجارب المخدرات، التي غالباً ما تؤدي إلى وفاتهم. هناك شكوك بأن هذه الجرائم مرتبطة بعمليات تجارة الأعضاء في السوق السوداء. دخول هذا المعمل الجديد إلى السوق سيشعل صراعاً بين الميليشيات الإيرانية وميليشيات محلية أخرى، مثل ميليشيا الدفاع الوطني وميليشيا حسن الغضبان وشقيقه رائد الغضبان، للسيطرة على سوق المخدرات.
على الرغم من علم مخابرات النظام والقوات الروسية بوجود هذا المعمل، لم تتخذ أي إجراءات حتى الآن، مما يعكس درجة الفساد وارتباط الأجهزة الأمنية بالحرس الثوري الإيراني، الذي يعيق جهود مكافحة المخدرات. كذلك، لم يتخذ شيوخ القبائل والشخصيات الاجتماعية موقفاً حازماً بسبب الخوف من الانتقام الإيراني.
في ظل تفاقم ظاهرة إدمان المخدرات في دير الزور، التي تروج لها إيران بغرض تفكيك المجتمع وتدمير نسيجه الاجتماعي، تقع على عاتق شيوخ ووجهاء القبائل مسؤولية حاسمة في مواجهة هذه الأزمة. فقد أصبحت القبائل اليوم العنصر الوحيد المتماسك في مجتمع مزقته الميليشيات الإيرانية. التصدي لهذه الظاهرة ليس خياراً بل ضرورة للحفاظ على الهوية والمستقبل.
تلفزيون سوريا